كل ما حوله يتراقص فرحًا ,ولعبًا, زرافاتٍ ووحدنا , ليس جماعة واحدة ,بل جماعات عدة ازدانا بهم ذلك المربع محدود المساحة,في مبني مستأجر حشر فيه أربعة أضعاف طاقة القصوى .
جميلة تلك هي الفراشات ذات الألوان المتعددة ,حلقات ومربعات ,واحدةُ هنا وأخر هناك ,ثلاثة تسمع ضحكاتهم البريئة من بعد,مجموعة افترشت الأرض ومعها عدد من السندوتشات وعدد من أكياس الشبس, وزجاجة من الشطة تتعارك الأيدي عليها في تناغم باهر للعيون ,وأمام كل وأحدٍ علبة من العصير المعلّب كتب عليها خالية من المواد الحافظة بخط لا يكاد يُرى,لم يجدوا لها أنابيب مص , فقٌطعت من أطرفها للوصول إلى ما بها من سائل ملون, خال من كل مقومات الغذاء وهناك نحلة لم تتجاوز العاشرة تحب التنقل من زهرة إلى أخرى,تضحك وتثير الفرح في كل الأرجاء,مجموعة يركضون خلف جسم دائري من الجلد ,وقاض بينهم منهم اتخذا من وسط المكان موقعا له,يصيح أحدهم والله حرام هذا ظلم ,خطاء ,تنطلق صفارة تنهي ذالك العرق المحبب إلى نفوسهم.
وهناك وفي زاوية كئيبة شبه مظلمة يجلس القرفصاء واضعا رأسه بين ركبتيه ,لديه رغبة عارمة في تعطيل كل الحواس في تلك الفترة الزمنية المسماة الفسحة,لا يريد أن يسمع أو يرى,أو يشم.
لماذا يعذب نفسه بها ,هو في غننا عنها ولو مؤقتا؟!,لن يسمح لها بالانطلاق إلا في الوقت والزمان المحددين,في البيت فقط.
لمحتُه بتلك الحلة ,تلطفت إليه ,أغريته بالحديث دون جدوا,لم أجد أمامي من حل ,لكن قد يكون هناك حل عند المرشد الطلابي ,وأسلمت له الأمانة, ولا زلت في شوق إلى معرفة قصة تلك الزهرة التي كانت تجلس القرفصاء هناك وتعمدت تعطيل كل الحواس.