( منتديات حب لينا)
عانقـ جدران منتدانا .. عطر زيارتكـ
وتزينت مساحاته بأعذبـ عبارات الود والترحيبـ ..
كفنا ممدودة لكفكـ .. مرحبآ وسعيدآ بزياتكـ .. داعيك لتسجل وتكون معنا
شكرا
ادارة المنتدي
( منتديات حب لينا)
عانقـ جدران منتدانا .. عطر زيارتكـ
وتزينت مساحاته بأعذبـ عبارات الود والترحيبـ ..
كفنا ممدودة لكفكـ .. مرحبآ وسعيدآ بزياتكـ .. داعيك لتسجل وتكون معنا
شكرا
ادارة المنتدي
( منتديات حب لينا)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

( منتديات حب لينا)


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
(تحية طيبة لجميع الاعضاء ).. ♥ - اختكم لينا ✿

 

 بين أحضان الجن..رواية جناااااان

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
احمد البرنس
الامبرطور

الامبرطور
احمد البرنس


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  548143d1295476170-11
الامبراطور
بين أحضان الجن..رواية جناااااان  511

الهوايه : كتابه

المهنه : محاسب

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : ذكر
نقاط : 38330

بطاقة الشخصية
  :
My MMS


My MMS



  :
اوسمه (احمد رامى)


اوسمه (احمد رامى)



  :
My MMS


My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالخميس أبريل 21, 2011 5:39 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

في ضيافة الجن

البحث عن لقمة العيش من أحد ألأسباب التي أبعدت الناس عن مسقط رأسهم و خالد كذلك...
هو شاب في مقتبل العمر يعمل حديثاً في مدينة تبعد ما يقارب 300 كلم عن مسقط رأسه...
في كل عطلة أسبوعية يعود إلى مسقط رأسه, يقضي أياماً بين أهله و أحبابه ثم يعود ليذوب في زحمة العمل...

هذا الأسبوع سيخرج من عمله متأخراً قليلاً و ذلك لإنجاز عمل إضافي..
كل دقيقة يقضيها بين أهله كانت تعني له الكثير لذلك كان متكدراً من هذا التأخير...
هبط الظلام و لم ينهي عمله بعد... فاتته فترة العصر بكل ما فيها من نشاط و حيوية و ربما لن يصل إلا متأخراً يكون حينها الوقت قد ضاع ...

ما أن أنهى خالد عمله حتى أنطلق راكضاً... وصل لسيارته و استقلها...
أطلق لها العنان في ذلك الطريق السريع عله يدرك بعضاً مما فاته...
لم يمض كثيراً على غياب الشمس بيد إن رحلته ما زالت في بدايتها...
زاد إحساسه بالوحشة طول المسافة و غياب القمر و قلة السيارات...

وصل إلى نقطة يجب أن يهدئ فيها من سرعته قليلاً, فهي منطقة لنقطة تفتيش عسكرية مهجورة و ضعت أمامها بعض "المطبات" الاصطناعية...
خفف من سرعته حتى إذا جاوز نقطة التفتيش بدأ يزيد من سرعته تدريجياً...

أمامه و على الطريق لمح شيئاً يتحرك... ربما كان ***اً...
أضاء خالد الأنوار العالية لسيارته ليتبين أن ما يتحرك ليس ***اً و لكن إنسان...
شخص يقطع الطريق من الجهة الأخرى...

نظر إلى الخلف من خلال مرآته ليعطي نفسه الوقت الكافي ليتوقف إن استدعى الأمر لذلك... كان
كان هناك شاحنه كبيره خلفه لكنها على مسافة بعيده نوعاً ما ... في الجهة ألمقابله كانت سيارة أخرى...
أضاءت السيارة المقابلة من أنوارها ما يعنى أن صاحبها أيضا قد لاحظ ذالك الشخص الذي يعبر الطريق ببطء ...
الغريب في الأمر أن الشخص قصير جدا...
لا ... لم يكن شخصا عادى...بل كان طفلا ...
بدء يهدئ خالد من سرعته... أما الطفل فمازال في طريق السيارة القادمة ويتحرك ببطء ...
عبر الطفل الطريق المقابل و أصبح في طريق خالد مباشرا ...

نظر خالد من خلال مرآته إلى الخلف ليجد أن الشاحنة قد اقتربت منه كثيرا...
أمام خالد عدة خيارات ... يستطيع أن ينحرف بسيارته ويخرج خارج الطريق إلى المنطقة الترابية حتى يتجاوز الطفل وأيضا يستطيع أن ينحرف قليلا باتجاه السيارات القادمة ويتجاوز الطفل بسلام ...
المشكلة أن الشاحنة خلف سيارة خالد قد تدهس الطفل فسائقها لا يعلم بما يحدث...

بسرعة قرر خالد

لحظة

لم يكن طفلاً بل كانت طفلة
فتاة صغيرة... اقترب منها خالد بسيارته فلم تعرها أي اهتمام...
أستمر خالد في التخفيف من سرعته حتى إذا وازى الفتاة فتح باب سيارته و حملها من ذراعها بسرعة و هو يخرج إلى المنطقة الترابية خارج الطريق و باب السيارة ما زال مفتوحاً...
مرت الشاحنة و سائقها يطلق أبواقها بشدة موجهاً لخالد سيلاً من الشتائم...
في نفس الوقت عبرت السيارة المقابلة و أبواقها تنطلق بقوة...
تنفس خالد الصعداء بعد أن أنقذ الطفلة و أصبح هو أيضاً في مأمن من حادث وشيك كاد أن يودي بحياتهما معاً...

وضع خالد الفتاة في حضنه و هو في دهشة من أمرها...
لاحظ خالد أنها خفيفة بخفة ريشة...
ينظر إليها بإعجاب و دهشة...
فتاة صغيرة في الثانية و النصف أو الثالثة من عمرها... كالقمر...
ترتدي جلباباً أبيض مائل إلى الحُمرة...
شعرها كستنائي اللون ممتد على ظهرها بشكل جديلة...
شعَرَ خالد بجمالها و ولوجها إلى الروح دون عناء...

حاول أن ينظر إلى عينها لكنها كانت تشيح بوجهها عنه...
لم تنظر الفتاة إليه و لم تبكي أيضاً...
عيناها مفتوحتان تنظر إلى البعيد بهدوء عجيب...
لم يكن خالد ينظر إليها فقط بل كان يشعر بها.. غير الطفولة لا شئ في ملامحها...
لا خوف.. لا رعب.. لا ابتسامة.. و لا حتى تعجب...
ملامح جامدة لكن جميلة...
لم يستطع خالد تحديد الغريب فيها... ما يعرفه أنها أجمل طفلة رآها في حياته... براءة...



أين أهلها؟ََ و كيف وصلت إلى هنا؟ هل تراهم من البدو الذين يعشون في هذه المنطقة؟ و هل يتركون أطفالهم هائمين حول الخطر بهذه الطريقة؟
تلفت خالد يمنة و يسرى لكنه لم يرى أحداً في إثر الفتاة...
قبلها خالد دون شعور منه فأغلقت عينيها...
رائحتها عبقة, ليست رائحة عطر أو طيب, بل رائحة العشب الأخضر الندي...
قبَّلَها بعمق فاستكانت... قبَّلّها ثانية و ثالثة فغطت وجهها بكفيها.. أسره جمالها و بهرته طفولتها...

هم خالد بسؤالها كيف وصلت إلى هذا المكان غير أنه شعر بحركة غريبة...
شيء ما لفت انتباهه...
نظر إلى النافذة البعيدة عنه ليرى شخصاً واقفاً و قد الصق وجهه بزجاج النافذة...
كان ينظر إلى خالد باستهجان و هو يُقَبِل الطفلة...

تحرك الشخص إلى الخلف قليلاً و هو ينظر إلى خالد بتوجس و كانت عيناه تتحركان بشكل غريب جداً...
تحركت الطفلة و نظرت باتجاه الشخص...
سمعها خالد و كأنها تهمس بكلمات...
جمد الشخص في مكانه حرك شفتيه بكلمات لم يسمعها خالد..
ابتعد قليلاً عن النافذة ثم تحرك باتجاه مقدمة السيارة...
دار نصف دورة حول السيارة ليلتف و يقترب من نافذة خالد...
كان خالد يتابعه بنظراته حتى وصل أمام الباب ليتبين لخالد أنه فتاً في حدود الثانية عشرة من عمره...

التفتت الطفلة إلى خالد... نظرت إلى عينيه مطولاً...
عيناها بلون موج البحر الهادئ... كأن زرقتهما تتماوج...
نقلت بصرها إلى الفتى الغريب و الذي بدوره لم يتحدث مع خالد بل وجه كلامه إلى الطفلة قائلاً: ما الذي أتى بك إلى هنا؟
طبعاً لم تجب الطفلة و كل ما استطاع خالد قوله كان بصوت خافت جداً...
قال: انتبهوا عليها

حملها الفتى دون أن يعلق على كلام خالد و غادر من نفس الجهة التي حضر منها

و قبل أن يغيبهما الظلام نظرت الطفلة إلى خالد ثم أبتسمت و أغلقت عينها و رمت برأسها على كتف الفتى...
سارا قليلاً ثم غابا في الظلام...
كل هذا و خالد واقف يراقب...

سؤال يسأله خالد لنفسه: إذا كانوا يسكنون هذه الجهة فما الذي أوصل طفلة كهذه إلى الجهة الأخرى من الطريق السريع؟

كان خالد كالمشدوه لا يدري ما الذي يحدث... لكنه يعرف أن رؤيته لهذه الطفلة أشعرته براحة غريبة جداً...
وضع خالد رأسه على مقود السيارة... أغمض عينيه... تنفس بعمق...
ما زال يجد رائحة الطفلة... رائحة جميلة بحق...

فجأة, شعر بطرقات على جوانب سيارته... سيل من الحجارة تُقذف باتجاهه...
فتح عينيه... نظر حوله ليجد السكون... و السكون فقط...
(خالد من الذين لا يخشون الظلام و لا ترهبهم أخبار الجن...)
ردد بينه و بين نفسه بحنق:" أطفال البدو
لماذا هذا الإزعاج... سأغادر قبل أن يحطموا السيارة "
أدار مقود سيارته و انطلق متابعاً رحلته.....
الجزء الثاني...

وصل خالد إلى أهله و انشغل مع أصدقاءه لكنه أبداً لم ينسى تلك الطفلة... خفتها جمالها عبقها و غموضها...



صورتها تستحوذ على مساحة كبيرة من تفكيره...

يتمنى أن يراها مرة أخرى...

يتمنى أن ينظر إلى عينيها...



لم يكن خالد كعادته بين أهله...



بل كان مشغول البال... لا يدري ما الذي يجعل صورة الطفلة راسخة في ذاكرته...

وعلى غير العادة, تمنى أن تنتهي العطلة الأسبوعية سريعاً ليعود إلى مقر عمله فربما يصادف الطفلة مرة أخرى



أصبح يرسم صوراً و أحداثاً في عقله...

تارةً يتخيل أنه لو لم يحضر ذلك الفتى لذهب بها إلى أهلها و وبخهم...

تخيل أيضاً أنه يدخل القرية دخول الفاتحين و هو يحمل الطفلة فيستقبله الجميع بالشكر و العرفان...



تخيل والدة الطفلة مهرولة إليه باكية فتحتضن الطفلة و تشكره على صنيعه...

ثم تخبره بأنها فقدتها من أيام ثلاثة...



و تخيل فتاة في ريعان الصبا تقترب منه فتقبل رأسه و دموعها قد سالت على خديها...

تخيل أن هذه الفتاة هي أختها فتعجب بشهامة خالد ثم تحبه و تتعلق به...
و كانت هذه أكثر صورة استحوذت على تفكيره و رسمت قراراً يتخذه لاحقاً



وتارة يتخيل أن أهلها يغدقون عليه بالمال والمجوهرات شكراً وعرفاناً ...

لكن يعود خالد إلى واقعه... فيحتسب عند الله ويسأل الله أن يجعل ما فعله لوجهه خالصاً لا رياء فيه ولا شبهه...



ظل خالد على هذا الوضع حتى انتهت العطلة الأسبوعية وحان وقت عودته إلى حيث عمله...

أنطلق خالدا من رحلة العودة وهو يدافع صورة الطفلة من خياله...

حين أقترب خالدا من نفس المكان... شعر بحاجة ملحه للتوقف... حاول أن يتجاهل هذا الشعور ويمضي في طريقه لكنه عجز عن ذلك...

فكَّر أن يتوقف ليقضي حاجته إلا أنه كان يحاول الصمود حتى يصل إلى أقرب استراحة
صورة ولحدة في خيله تحكم تصرفاته...
كان يتخيل شقيقة الطفلة...
, فتاة جميلة تتعلق برجولته و شهامته دوناً عن كل شباب القرية فتحبه و يحبها ليصورا أجمل قصة حب في تلك الصحراء...

أخيراً قرر خالد... سيتوقف ... يجب أن يقضي حاجته... لن يستطيع أن يصبر دقيقه واحده , فربما يرى ما يتمنى...

. . وربما كان يقنع نفسه...

توقف خالد في نفس المكان الذي ظهرت منه الفتاة وجه سيارته على خارج الطريق وأضاء الأنوار العالية ليجدها أرضا منبسطة جرداء ممتدة بمد البصر....

أرض خالية...لا شجر فيها ولا بيوت شعر...

أدار مقود السيارة وأتجه بها إلى الجهة الأخرى...

الجهة التي ظهر منها الفتى وغاب فيها بعد أن أخذ الفتاة...

توقع أن يرى شيئاً في هذا الاتجاه...نزل من سيارته... ألقى نظرة فاحصه شامله ليعود إليه بصره بلا شيء...ارض خاليه...

جلس خالد وقضى حاجته... وما أن انتهى وقفل راجعاً إلى سيارته حتى تسمر في مكانه...

رأى شخصاً واقفاً جوار سيارته... تقدم قليلاً ليجده ذات الفتى...

تلفت خالد يمنه ويسرى قبل أن يوجهه كلامه إلى الفتى قائلاً: أنت؟ من أين أتيت؟

أشار الفتى إلى البعيد ودون أن يتكلم ...

كان الفتى يرتدي ثوباً طويلاً جداً...

همهم بكلمات غريبة قبل أن يقول لخالد بصوت أقرب لأصوات الرجال: ماذا تفعل هنا؟

كان صوته أكبر من سنه بكثير...

أجاب خالد: أردت أن أقضي حاجتي وأرى في أي الجهات قريتكم...

قال الفتى مباشرة: إذن فلنذهب فوالدي يتمنى أن يشكرك على صنيعك..

لم ينتظر الفتى جواب خالد بل فتح باب السيارة من جهة السائق وركب... قضى وقتاً وهو يجمع ثوبه قبل أن يرمي بنفسه على المقعد الآخر... نظر إلى خالد وأشار له بأن يركب...

ركب خالد السيارة وهو يسأل الفتى: في أي اتجاه؟... أشار له الفتى قائلاً من هنا

شعر خالد بأن رائحة الفتى قوية نوعاً ما... كان جالساً وقد جمع الزائد من ثوبه أمامه... ليتبين لخالد أن الثوب طويل أكثر مما يتوقعه العقل...



نظر الفتى إلى خالد وهو يقول: هل أتيت لتراها؟

لكن ما أن نظر في عيني الفتى حتى لاحظ أمراً غريباً... سرت قشعريرة قوية في جسده...

نظر خالد إلى عيني الفتى ليجدهما بلمعان عيون القطط... لاحظ الفتى تركيز خالد في عينيه فأغلقهما لبرهة قبل يفتحهما فيجدها خالد بلون أبيض مشع لا سواد بهما أقنع خالد نفسه بأنه يتوهم.... رأى الفتى علامات التعجب في وجه خالد فأغمض عينيه من جديد... فتحهما فرآهما خالد كعيون البشر قبل أن يشيح الفتى برأسه مشيراً لخالد أن يسلك اتجاه الوادي...

شعر خالد بأنه في مكانٍ نسيه بني البشر...
بدأ يشعر بخوفٍ لم يعرف كنهه...
خوفٌ من المجهول... من العالم السفلي...
لكنه و رغم ذلك يحاول أن يقنع نفسه بالعكس...


تابع الجزء الثاني

سار خالد بسيارته في الوادي وهو مسلوب الإرادة...

يعجز عن التوقف يعجز عن الكلام أيضا...

دخل خالد بين جبلين عظيمين وفي الأمام جبل آخر يغلق الطريق...طلب الفتى من خالد التوقف... فقد وصلا إلى القرية...



ترجل الفتى فتبعه خالد...

نظر إلى الخلف فرأى أنه بين جبال أربعة...

سار الفتى وخالد خلفه لينزلا إلى منطقة منخفضة عن الوادي...

ما أن نزل خالد حتى رأى القرية أمامه...



قرية مظلمة إلا من بعض الأضواء المنبعثة من أمام أبواب المنازل...

هناك بعض الفوانيس الضوئية موزعة على أرجاء القرية...

منازل صغيرة متباعدة...

هدوء غريب و سكون رتيب...



كانت خطوات الفتى سريعة فأسرع خالد للحاق به...

انعطف الفتى بعد أول منزل في القرية فهرول خالد ليدركه...

وما أن انعطف خالد حتى شد انتباهه مشهد غريب...



رأى رجل ضخم الجثة يجلس القرفصاء و قد ربطت إحدى قدميه بسلسلة كبيرة مثبتة إلى جذع شجرة شامخة...

ظنه خالد في بادئ الأمر مجنوناً

إلا أن قدم الرجل الأخرى كانت مربوطة بسلسلة أصغر لكن نهايتها رُبِطت حول رقبة شاة سوداء...

الجزء الثالث


حين مر خالد بجوار الرجل وثبت الشاة مطلقة صوتاً غريباً...



رفع الرجل رأسه لتلتقي نظراته بنظرات خالد...
هاج الرجل وصاح صيحة عظيمة و هو يندفع باتجاه خالد لكن السلسلة حالت دون وصوله إليه...

كان الرجل قريباً من خالد بحيث لفحت أنفاسه النتنة وجه خالد...
كان يطلق زمجرة غريبة و يتمتم بكلمات لا قِبل لخالد بها...
هنا .. و هنا فقط سكن الرعب بين أوصاله فسرت في جسده قشعريرة كادت أن توقف قلبه...شعر أنه لا يقوى على الوقوف على قدميه...

تراجع خالد خطوات إلى الوراء ثم تلفت حوله في خوف...
رأى الفتى بعيداً ينظر إليه...
تحرك خائفاً وجلاً وانطلق في إثر الفتى و الذي بدوره اختفى بين المنازل...

في هذه اللحظة لمح خالد شخص يقترب منه ببطء...
ثبت خالد في مكانه و هو موقن أنه ليس بين بني البشر...
حركة الشخص الغريب تدل على أن هناك خطبٌ ما...
شعر أن ما سيحدث أمرٌ لن تحمد عقباه...
كان الشخص الغريب مخيفٌ في خطواته...
يخطو خطوة ثم يقفز في الثانية و يرجع رأسه إلى الوراء بقوة... أوجس خالد منه خيفة و سلَّم أمره لله...

حين تبين خالد شكل الشخص الغريب صُعِقَ مما رأى...
رجلٌ بلا ملامح
بل بلا وجه
لا شيء سوى فتحات تقوم مقام الفم و العين أما الأخرى فممسوحة...
قطعتا لحم سوداء تتدلى من كتفيه بدلاً من الذراعين...
ساقان قصيرتان متصلتان بقدمين مفتوحتين في الاتجاه الآخر...

أنحلت العقدة عن لسان خالد ليصيح بأعلى صوته"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"...
توقف الرجل أمام خالد مباشرة ...
تقلص حجم ما يفترض أن تكون عينه الوحيدة...
كشر عن فمٍ لا أسنان فيه أطلاقاً...
تمتم بكلماتٍ غريبة و بصوت كالرعد يصم الآذان...

تحدث إلى خالد بغلظة وقال: لماذا تستعيذ بالله؟
هل رأيت شيطاناً؟
لم يجبه خالد بل فتح عينيه على مصراعيها...
تابع الغريب كلامه قائلاً: هل تظن أن أشكالكم أنتم بنو البشر تعجبنا؟
هل تعتقد بأن هذا التشكل القبيح يعجنا؟ لقد أُجبِرنا من ملك القبيلة بأن نتشكل بهيئة البشر بسبب وجودك على أرضنا...

كان خالد يستمع وقد تجمدت أوصاله حتى عن الهرب...
يشعر ببردٍ يسري في أطرافه...
يقرأ في سره ما قد حفظه من كتاب الله...

لم ينتظر الغريب أي ردٍ من خالد بل باغته بسؤال:
هل تريد أن ترى شكلي الحقيقي؟
قلها... ليس عليك سوى أن تطلب ذلك
استرسل الغريب قائلاً: لا داعي لأن تطلب سترى شكلي الحقيقي

بدأ الغريب في التشكل...
أول ما لحظه خالد كان تلك القطع اللحمية و هي تكتسب صلابة...
تمددت القطع اللحمية و اكتست بأجزاء مثل قشور السمك...
تلاشت القدمين ليسقط الغريب على ركبتيه ويتخذ وضعية السجود...
من منتصف ظهره برزت مجموعة عظمية متصالبة ذات رؤوس حادة...
تمتد الرؤوس الحادة لتغرس في جانبي الرقبة...
أنفتق رأس الغريب ليكشف عن رأس صغير جداً شبيه برؤوس الكلاب...

ترنح خالد في مكانه وسقط أرضاً و هو يطلق صرخة عظيمة "يا الله"...
سمع خالد صوت من خلفه كصوت الريح و لاحظ أن الغريب قد جمُد مكانه...
التفت خالد إلى الخلف برعب ليرى تلك الطفلة مقبلة إليه مهرولة...
لكنها في هذه المرة كانت أكبر من قبل...
فقد رآها بحدود السابعة أو الثامنة من عمرها...

تجاوزت الطفلة خالد و وقفت بينه و بين الغريب فكان العجب ما رآه خالد...



الجزء الرابع والخامس


تجاوزت الطفلة خالد و وقفت بينه و بين الغريب فكان العجب ما رآه خالد...

رأى الطفلة واقفة بينه و بين الغريب...
أستطاع أن يرى وجهها و هو يزداد صلابة و غموضاً...
وقفت الطفلة برهة...
أطرقت برأسها إلى الأرض و الغريب ثابت لا يتحرك...
رفعت رأسها بهدوء و هي تنظر إلى النجوم...

أشارت للكائن الغريب بأصبعها و هي ترسم علامة دائرة في الهواء...
مع أشارتها تموج الغريب قبل أن يبدأ شكله في التحول الى ما يشبه ال*** لكنه بدا برأسين...
أشارت بيدها مرة أخرى فتكور الغريب على نفسه و برزت على ظهره ثلاثة أقدام مسطحة...

عادت الطفلة تشير بيدها عِدة مرات و هي تطلق زمجرة خافتة...
استوى الغريب واقفاً على قدميه إلا أن الجزء الأعلى من جسده كان مطموس الشكل هلامي الحركة...

تراجعت الطفلة إلى الخلف فتجاوزت خالد ليصبح من جديد بينها و بين الكائن الغريب...
أستطاع خالد و ببقايا عقله المحطم أن يفكر في الهرب فها هي الطفلة تعجز وقد تصبح هي الضعيفة بلا شك

زحف خالد محاولاً الهرب...
وما أن أدار إلى الخلف حتى اصطدم بوجه الطفلة أحمر قاني بعينين تومضان بشدة و كل غموض الأرض على محياها...
عاد خالد ليسقط مكانه بينما بدأ الغريب يقترب من الطفلة رويداً رويدا...

ضربت الفتاة بقدمها الأرض فاهتز الكائن الغريب و تمدد على الأرض ويصبح كحيةٍ جرداء على جوانبها ما يشبه الأجنحة...
بدا الكائن الغريب عاجزاً عن إتقان أي شكل يتحول إليه...
وما هي إلا برهة حتى برز للكائن الغريب رأس أسود كبير...
بدأ الرأس يكبر و يتعاظم حتى أصبح أكبر من الجسد...

أقترب الكائن من الطفلة فرفعت يدها و هوت بها على ذلك الرأس لتطوح الكائن بعيداً بقوةٍ لا تصدر عن أعتا الرجال...
تدحرج الكائن و هو يطلق خواراً هائلاً و يغرس رأسه في الأرض قبل أن يبدأ بالتلاشي و الذوبان...

على صوت خوار الكائن العالي رأى خالد أبواب منازل القرية تُفتح و النوافذ تُشَرَّع...
من هذا المشهد, أنخرط خالد في بكاء مرير وكأنه طفل...
سلوته الوحيدة أنه كان يتمتم بآياتٍ كان يحفظها...

التفتت الطفلة إلى خالد ...
تقدمت باتجاهه...
أمسكت برأسه...
قربت وجهها منه...
همست في أذنه بصوتٍ طفولي عذب: لا تخف, لن يؤذيك بعد الآن
و كانت هذه أول مرة يسمع فيها خالد صوت الطفلة و هي تتكلم...

في هذه الأثناء رأى خالد أشباحاً تعبر الأبواب و النوافذ...
رأى رهطاً منهم يتحرك في الظلام باتجاهه...
منهم من يمشي على قدمين و منهم ما يزحف زحفاً...
و منهم أيضاً ما يبدو أنه يطير...

أغتم خالد لهذا الأمر كثيراً...
لم تعد كلمة "رعب" تصف ما يشعر به...
تمنى أن يتوقف قلبه عن النبض علَّه يرتاح...
تمنى أن يشرق قرص الشمس و يزيح هذا الظلام...
و بيأس الغريق الذي فقد الأمل في النجاة بكى...
اتسعت عيناه هلعاً وهو ينظر إلى الطفلة تسقط على ركبتيها...

نعم
لو استطاعت الطفلة على ذلك الكائن الغريب فلن تقوى على المجموعة القادمة...
بدأ عددهم يزداد و هم يتقدمون باتجاهه...
لسان حاله يقول: كم شيطاناً منهم سيتلبسه؟

حين وصلوا إلى حيث استطاع خالد أن يتبين أشكالهم شرع في قراءة آية الكرسي بصوت عالٍ...
وقفوا أمامه برهة, يتقدمهم شيخ مهيب كامل الخلقة بلحيةٍ بيضاء...
في الأمر شيء واحد غريب جعل خالد يتأكد بأن الشيخ أيضاً من الجن

كانت قدما الشيخ حافيتان والأغرب من ذلك أنهما لا تلامسان الأرض...
قامت الطفلة من جلستها و تعلقت بيد الشيخ و هي تشير إلى خالد...
أنقطع صوت خالد و أصبح يقرأ آية الكرسي همساً...
تبسم الشيخ في وجه الطفلة و تقدم من خالد...

انحنى الشيخ و سأل خالد بصوتٍ غليظ: ماذا تقرأ و على من؟
أبتلع خالد لعابه و هو يفكر: لماذا لا تردعهم حتى آية الكرسي؟
لمن سيلجأ بعد الله و بمن يحتمي؟
ماذا سيكون مصيره الآن و قد عجز عن دفعهم عنه؟


انحنى الشيخ و سأل خالد بصوتٍ غليظ: ماذا تقرأ و على من؟
أبتلع خالد لعابه و هو يفكر: لماذا لا تردعهم حتى آية الكرسي؟

لم يجب خالد على كلام الشيخ و الذي بدوره استرسل قائلاً: يا خالد لا تقلق فلن يؤذيك أحد, نحن مثلك ندين بالإسلام و نعرف حرمة أذية المسلم...
قال خالد بوجل: من أنتم و ماذا تريدون مني...
أجاب الشيخ باسماً: نحن قوم من الجن وأنا ملك الجن في هذا الوادي و قد أمرت القبيلة بحسن استقبالك بعد ما فعلته لابنتي"زيزفونة" و أشار الشيخ إلى الطفلة...

نظر خالد إلى الطفلة و قد بدأ يزول ما به من خوف فابتسمت له بوداعة...
نظر خالد إلى الشيخ و سأله بصوتٍ متهدج: هل تحلف بالله بأنكم لن تؤذوني؟
رَبْتَ الشيخ على رأس خالد فشعر بيده دافئة دفئ يسري إلى القلب سكينة و هدوء...
تنحنح الشيخ قبل أن يقول لخالد: لا تقلق فلن يعصي أمري احد من القبيلة...

تلفت خالد حوله فرأى الفتى واقفاً
أشار إليه و هو يسأل الشيخ: و هذا الفتى هل هو أبنك؟
أجاب الشيخ:لا أنه "طارخ" أبن أخي و هذا الذي بجواره والده, أخي " هيدبا"...
قال خالد و قد أكتسب ثقة أكبر و مسح دموعه: لكن لماذا كانت الطفلة وحيدة هناك و كيف تغفلون عنها؟
قبل أن يجيب الشيخ تدخل الفتى"طارخ" قائلاً: أراك قد مسحت دموعك و صرت تتكلم بحرية و للتو كنت تبكي كالطفل الرضيع...

صمت خالد و هو يشعر أن الفتى"طارخ" يمقته و قد يضره
هنا تدخل "هيدبا" والد طارخ موجهاً كلامه إلى أبنه: ومن سمح لك بالكلام؟
أطرق الفتى برأسه إلى الأرض بطاعة في حين اقتربت الطفلة من خالد و أمسكت بيده تحثه على الوقوف...
قال ملك الجن بصوتٍ حنون: هيا يا خالد, قم بنا إلى قصري سأشرح لك كل شي قبل أن يحل الصباح فأنت الليلة في ضيافتنا...

وقف خالد و عن يمينه الطفلة" زيزفونة" و عن يساره ملك الجن و "طارخ" و "هيدبا"...
وقفوا مواجهين لأفراد قبيلة الجن قبل أن يقول ملكهم بصوت عالٍ:
مرحباً بك يا خالد في قرية الجن مرحباً بك خارج عالم البشرمرحباً بك...
أنت الآن في ضيافتنا, أنت الآن
"في ضيافة الجن".
امتلأ الوادي بالترحيب و ضجت أركانه بالهتافات و الصيحات الغريبة...
أما خالد فقد تلفت ينظر إلى تلك الشخوص في الظلام ...
فلا يدري كيف ستكون الضيافة...


في الجزء القادم سنعرف كيف كانت ضيافة الجن...
و سنعرف ما حدث في قصر الملك من أحداث


الجزء السادس

رفع خالد رأسه ليلاحظ نظرات قاسية موجهه إليه من كل من في المجلس و لاحظ أن "طارخ" يغلي غضباً لكنه أطمأن حين سمع ضحكة الشيخ و هو يقول: ذلك الذي رأيته ليس مجنوناً يا خالد, لو عرفت من هو لتعجبت
انه أبن ملك القبيلة الأخرى أسرناه بعد المعركة و قد حاول الهجوم عليك لأنك السبب فيما هو فيه...

قال خالد: لكن شكله كالبشر و لو ظهر لي بشكله الحقيقي ربما مت رعباً...
ابتسم الشيخ و هو يجيب: ليس ذلك باختياره إلا لفعلها لكنه مجبر على ذلك فهو أسيرنا, و ما رأيته سلسلة في قدمه ليس كذلك في حقيقة الأمر لكنه جهاز تعذيب و تحكم نحول شكله كيف نشاء و نتركه عليه, عندنا يا خالد من العلم ما لم تصلوا إليه انتم بنو البشر...

سأل خالد: و الشاة المربوطة بقدمه الأخرى...
الشيخ: تلك كانت دابته

قال خالد بجدية: إذاً هو أبن الملك و أنتم أسرتموه ألا يعني هذا أنهم سيهجمون عليكم باستماتة بغية تخليصه؟
الشيخ: بلا و قد يهجمون في أي وقت...
خالد: إذا فكوا وثاقه و أكفوا القبيلة شر الحرب...
الشيخ: سبب احتفاظنا به يستحق المخاطرة...

خالد: لم أفهم يا شيخ
الشيخ: كما تعلم يا خالد فإن السحرة يستعينون بالجن أو بمردة الجن و الكفرة منهم و بالجن العاصي, و قبيلة الجن تلك هي خير معين للسحرة على أذية الأنس و لذلك ترى في القرى المجاورة لهذا الوادي الكثير من البشر بين من به مس من جن أو سحر قضى عليه أو عين أقعدته, و بعض البشر هداهم الله لا يذكرون اسمه في الخلاء و في دخولهم و خروجهم, فذكر الله خير يا خالد...
تابع الشيخ حديثه و خالد يستمع باهتمام: سنقايض أبن ملكهم بخروج أفراد قبيلتهم من الممسوسين و المسحورين و المجانين و تقريباً وُفِقنا في ذلك إضافةً إلى أنهم قد طلبوا هدنة معنا رغم أننا نخشى الغدر منهم فليسوا بمسلمين حتى نعاهدهم على اسم الله لا ينقضوه و من الممكن أن يهاجمونا في أي وقت...

سأل خالد بتعجب: هل من الممكن أن يهاجون الآن؟
الشيخ: نعم.. وما الذي سيمنعهم , فنحن على الأقل لم نوقع معهم الهدنة...
نظر خالد حوله و قال في توتر واضح و هو يمسك يد الطفلة بقوة: كل أهل القبيلة هنا, فمن سيحميها من الخارج؟

لم يجب الشيخ بل عدَّل من جلسته مبتسماً ليتدخل شقيقه"هيدبا" قائلاً: يا خالد هل ترى هذه الوجوه في هذا المجلس؟
تلفت خالد و جال ببصره من جديد محدقاً في الوجوه و هو يقول: نعم أراها...
هيدبا: هل كانوا هنا حين دخلنا المجلس؟
خالد: نعم , كانوا معنا حين دخلنا المجلس..
هيدبا: لا يا خالد هؤلاء ليسوا هم, هؤلاء لم يدخلوا المجلس معنا, بل لم يكونوا معنا...

أستغرب خالد من هذه الكلمات قبل أن يكمل" هيدبا" كلامه قائلاً: يا خالد سوى الملك و أنا و "زيزفونة" و "طارخ" لا أحد آخر من هؤلاء كان معنا حين دخلنا المجلس...
خالد: لا أحد؟ هل يعني أنني كنت أتوهم؟
هيدبا: لا , لم تكن تتوهم لكن هذه ليست وجوهنا...و هذه ليست أشكالنا... من وقت إلى آخر يتغير الموجودون في المجلس فيخرج من في المجلس لمراقبة حدود القبيلة و يدخل من كان في الخارج

أستغرب خالد هل يعقل ذلك؟
نظر إلى الطفلة فاستقبلته بابتسامتها المعهودة قبل أن يدنيها منه و يتشبث بيدها أكثر...
فخالد لا يشعر بالأمان إلا في وجهها و وجه الشيخ ملك القبيلة و قليلاً في وجه "هيدبا"

بدأت دقات قلب خالد تتسارع بعد ما سمع, لكن الشيخ تدخل في الحديث حين لاحظ أن خالد بدأ يتوتر...
قال الشيخ: لا تشغل نفسك بهذه الأمور و لا تستغرب من شيء فأنت ضيفنا و في حمايتنا
أرتاح خالد قليلاً فسأل الشيخ عن أمر آخر محير فقال:
خالد: أيها الملكّّ أردت أن أسال عن أمر...
الشيخ: تفضل يا خالد...
خالد: ما قصة ذلك الكائن الذي تكلم معي و أراد أن يريني صورته الحقيقية قبل أن تقتله "زيزفونة"؟
الشيخ مبتسماً: يا خالد" زيزفونة" لم تقتله لكنها عاقبته لأنه عصى أمراً واضحاً بعدم التعرض لك من ...
تابع الشيخ كلامه قائلاً: هو واحد منا لكنه من الذين تنقصهم القدرة على التشكل جيداً و قد أزعجه أن يتشبه بالبشر لذلك سألك أن تطلب منه ذلك فيكون بعيداً عن العقاب بدعوى أنك طلبت ذلك غير أنه تعجل في ذلك و بدأ في أظهار شكله الحقيقي و حين حضرت "زيزفونة" وقع في حيرة من أمره فأمهلته "زيزفونة" ليعود ويتشكل إلى أي صورة لا تخيفك لكنه بدا عاجزاً عن ذلك و كل ما يحاول التشبه به يكون مسخاً ناقصاً يزيدك رعباً ثم كان لابد من أن يغادر المكان و يعاقب على عصيانه الأوامر فكانت ضربة" زيزفونة" كعقاب له ثم غاب في باطن الأرض و تلاشى مختفياً عن ناظريك فقط...

في هذه الأثناء تنحنح"هيدبا" فجذبت "زيزفونة" خالد من كتفه تريد أن تسر إليه بأمر...
انحنى خالد بأذنه إليها فقالت هامسة: كم عمرك يا خالد؟

استغرب خالد من سؤالها و قبل أن يجيب لاحظ أن"طارخ" قام من مجلسه و جلس أمام ملك الجن و والده"هيدبا"...
كان يبدو أنهم يتهامسون... شد ذلك انتباه خالد فعاد ينظر إليهم قبل أن يرمقه"طارخ" بنظرة صارمة...

عادت زيزفونة تشد خالد من كتفه فعلم أن هناك أمر لا يودون له أن يعرفه, ما يطمئن قلب خالد هو أن "زيزفونة" بجواره فأقلها لن تسمح لهم بأذيته و هي أبنه الملك إذاً ستشفع له عند والدها في أسوأ الحالات خاصة أنه لم يتعرض لهم بسوء...

أجاب خالد على سؤال زيزفونة قائلاً: 23 سنة يا "زيزفونة"
أجابت زيزفونة: هذا يعني أنني أصغر منك؟
همسهم زاد مما أشعر خالد بعدم الارتياح لكنه أجاب على كلمات "زيزفونة" على مضض و هو يقول: صحيح يا زيزفونة, هذا يعني أنكِ أصغر مني...

همت زيزفونة بالحديث لكنها صمتت فجأة لأن خالد و لكي يشعر بأكبر قدر من الأمان و ليشعر القبيلة بأنه يحب "الطفلة" ابنة ملكهم
فقد مال على زيزفونة و حملها و أجلسها في حضنه و أخذ يقبلها و هو يقول بصوت مرتفع قليلاً: نعم أنتي أجمل طفلة و ابنة أفضل ملك لأفضل قبيلة...

وقف "طارخ" و قد أنهى حديثه مع والده و مع الملك ليقول بصوتٍ عصبي و عالي و شديد اللهجة: يااااااااااا خاااااااااااااالد
أرتعب خالد و قامت "زيزفونة" من حضنه و ارتمت في حضن والدها و هي تطلق زمجرة عالية مُظهِرة مخالب غريبة في أصابع يديها...

انزوت "زيزفونة" في حضن والدها و كأنها تهرب من نظرات خالد أن تقع عليها و هي بهذا الشكل...
ابتسم الملك في هيبة ليتدارك "طارخ" الموقف و سبب عصبيته فقال: حياك الله ضيفاً عندنا ثم خرج "طارخ" من المجلس غاضباً...
عادت زيزفونة و جلست بين خالد و بين والدها...
أستغرب خالد من هذا الترحيب الغريب رغم يقينه بأن "طارخ" أراد أن يقول شيئاً آخر غير الترحيب به...
الأمر الوحيد الذي خفف وطأة ألأمر على خالد هي ثقته "بزيزفونة" و بابتسامة الملك...

ما زال خالد يرى بعض نظرات الاستهجان في أعين الحاضرين من الجن المتشكلين لكنه يجهل معناها أو سببها...
أحياناً يشعر أن أصحاب تلك الأعين تتمنى الفتك به لكن سرعان ما يرى نظرات حميمية و في نفس الأعين...

ربط خالد بين اختلاف النظرات بأمر مثير و عجيب جداً...
ما كان يحول تلك النظرات من الحنق و الغضب إلى الود و القبول هي نظرات صارمة تقابلهم من عيني الطفلة"زيزفونة"
عرف أن "لزيزفونة" قوة على باقي الجن لا يستهان بها...
إلا "طارخ" فيبدوا أنها تحسب له حساب, لأنه حين نطق اسم خالد بصرامة ارتمت في حضن والدها الذي بدوره ابتسم و تلك الابتسامة أخمدت غضب طارخ مهما كان سببه و جعلته يغير ما كان ينوي قوله إلى الترحيب بخالد...
لكن بقي أمر واحد محير ما سبب تلك النظرات؟

بينما كان خالد في عمق تفكيره, دلف "طارخ" إلى الغرفة قائلاً:
حياك الله يا خالد على مأدبة شيخ القبيلة و حياك الله في ضيافة الجن...
سكت برهة ثم تابع موجهاً كلامه إلى خالد و إلى الحضور: حياكم الله جميعاً على العشاء في الغرفة الأخرى تفضلوا...

هنا و على مأدبة العشاء كان خالد على موعد مع فصول أخرى من الأحداث الغريبة في عالمٍ أقل ما يقال عنه أنه مختلف...


سيطول الحديث و قدر أدرك ضوء نور الصباح...
لنا لقاء بأذن الله لنخوض في أحادث أكثر غرابة و لنسبر معاً دهاليز أكثر و نكشف اسراراً أخرى...




الجزء السابع


توقفنا في الجزء السابق حين دخل "طارخ" إلى المجلس موجهاً كلامه إلى خالد و إلى الحضور: حياكم الله جميعاً على العشاء في الغرفة الأخرى تفضلوا...

قام ملك الجن و هو يردد: مرحباً بك يا خالد في قبيلتنا... تفضل...
تحرك خالد معهم إلى الغرفة الأخرى و في طريقه ألتفت إلى الخلف فرأى الجن خلفه زرافات...
المتشكلون بصورة مطابقة لصور البشر يسيرون خلفه مباشرة, أما الذين تنقصهم الموهبة في التشكل فهم في الصفوف الخلفية...


وصل خالد فوجد نفسه أمام ممر طويل .. فيه غرفتين متجاورتين...
دخل خالد و من معه إلى الغرفة الأولى و واصل الغير متشكلين من الجن طريقهم إلى الغرفة الثانية...

حين دخل خالد الغرفة وجد فيها صنوفاً من أجود الطعام و الكثير من الفاكهة...
غرفة كبيرة تم ترتيب الصحون فيها بشكل منسق...
على كل صحن شاة كاملة و ضعت على كمية من الأرز الذي يبدو من شكله أنه شهي جداً
توزع الجن بنفس الطريقة السابقة
المطابقين لشكل البشر مع خالد في نفس الغرفة و الناقصين في الغرفة الأخرى...


شمر خالد عن ساعديه و سمى ( بسم الله الرحمن الرحيم) ...
ألقى نظرة خاطفة على ساعة يده و لأول مرة منذ وطأت قدمه الوادي يفكر في الوقت...
كانت الساعة تشير إلى الثانية و النصف ليلاً في حين أنه بدأ رحلته بعد صلاة العشاء...
اليوم هو الجمعة و غداً سيكون السبت أول أيام الأسبوع... يوم عمل...
فكر خالد قليلاً: لا مشكلة سأغيب عن العمل يوم غد...

أقبل خالد على الطعام بنفسٍ مفتوحة... كان الطعام لذيذاً جداً...
بنفس الطريقة التي يحبها خالد, أو كما يحب خالد تسميته, "طعام ضيف إبراهيم"...
لاحظ خالد أن الكل يكرمه .. كما اعتاد على موائد الطعام في قبيلته..
عليك أن تؤثر الضيف على نفسك و تقطع له من اللحم أطيبه...
ليس هذا وجه الغرابة...
الغريب هو أن الجن الموجودين مع خالد على المائدة يزيلون اللحم من على العظم بعناية فائقة فيقدمون اللحم لخالد بينما يضعون العظم بترتيب غريب في صحن كبير مطلقين ما يشبه الفحيح الخافت...

التفت خالد للمائدة المجاورة فوجدهم يفعلون ذات الشيء و بطريقة شبه آلية...
يزيلون اللحم عن العظم ويرتبون العظم بعناية في صحن كبير جوارهم بينما يضعون اللحم جانباً دون أن يأكلوا شيئاً...

لا يدري خالد هل يفعلون نفس الأمر في الغرفة الأخرى أم لا , لكن ما يعرفه أن الأمر هناك مختلف, فهو يسمع أصواتهم و كأنهم وحوش يتنافسون على فريسة...
أصواتهم غريبة.. زمجرة و صياح خافت..كلمات غير مفهومة و أصوات مختلفة..

كان خالد يأخذ بعض الطعام و يحشره في فم "زيزفونة" و التي تأخذه على مضض و تمضغه بتمهل و كأنها لا تشتهيه...
كذلك يفعل ملك القبيلة و "هيدبا" و "طارخ"... يمضغون و يبلعون ببطء شديد...

كان خالد يجلس و على يمينه جلست "زيزفونة" و طارخ في الجهة اليسرى... يقابله على نفس المائدة, مللك الجن و "هيدبا"...
معهم أيضاً و على نفس المائدة,أربعة من الجن القريبين جداً من شكل البشر إن لم يكونوا مطابقين
ما يثبت أنهم ليسوا بشراً هي تلك الحركة الآلية في فصل اللحم عن العظم إضافة إلى الفحيح الخافت...

أكل خالد بنهم فقد بلغ منه الجوع مبلغه إضافة إلى لذة الطعام...لم يشغل خالد عن ذلك إلا ثعبان ضخم جداً كان يزحف ماراً من أمام باب الغرفة...
توقف الثعبان متفحصاً من في الغرفة ليراه خالد برأسين بشريين...
صمت خالد برهة يفكر قبل أن يلكزه "طارخ" هامساً: كلمه يا خالد دله إلى غرفة الطعام

نظر خالد إلى "زيزفونة" بهدوء قبل أن ينظر إلى الثعبان قائلاً و بسكون عجيب: الطعام في الغرفة الثانية...
ضحكت "زيزفونة" ليرفع خالد صدره و يقول بثقة أكبر: المتشكلون هنا و الأخوان الغير متشكلين في الغرفة الأخرى ليأخذوا راحتهم...

التفت ملك الجن و "هيدبا" إلى حيث الثعبان ثم عادا ينظران إلى خالد مبتسمين ...
قال "طارخ" ضاحكاً : جميل جداً يا خالد, أصبحت لا تخاف الآن
أجاب خالد: من يخشى الله لا يُخشى منه الضرر و أرى فيكم حباً للخير و بعداً عن الأذية...

راق الكلام لكل من في المجلس من الجن لكن خالد أطرق برأسه إلى الأرض قليلاً و قال بصوت هادئ و هو يهز رأسه رافعاً سبابته قال: سبحان الله...
أجاب "هيدبا": خير ما قلت يا خالد.. سبحان الله...
تدخل ملك الجن قائلاً: ملكوت الله كبير يا خالد و قدرته لا تحدها حدود...
قالت زيزفونة بصوتها الطفولي:

أكمل خالد طعامه سعيداً بحفظ الله له في هذا المكان و سعيداً بإخوانه في الدين و إن كانوا من الجن...
حين شبع خالد و تأكد من أن الجن ينتظرون منه الإذن, و كما أعتاد من عادات قبيلته حمد الله ثم كرَّم قائلاً: الحمد لله .. أكرمك الله يا ملك الجن و أكرمكم الله جميعاً...
أجابوه جميعاً: بالهناء و عافية...

حملت كل مجموعة من الجن الصحن الخاص بها و الذي امتلأ عظاماً جرداء ليس فيها مزغة لحم...
انطلقوا خارج المجلس.. سمع خالد لهم جلبة خافتة و لغط...
تأكد حينها أن عشاءهم قد بدأ للتو...

بقي مع خالد ملك الجن , " هيدبا" ,"طارخ" و "زيزفونة"...
اتجه خالد إلى حيث الماء و غسل يديه...
عاد إليهم ليتوجهوا سوياً إلى المجلس الذي كانوا فيه قبل العشاء...

وجد خالد المجلس و قد أعيد ترتيبه بشكلٍ مختلف...
أصبحت الجلسة أكثر راحة حيث تعطي خالد أكبر قدر من الحرية في الجلوس و خاصة بعد تلك الوجبة الدسمة...

جلس خالد و دارت فناجين القهوة و الشاي على الحضور...
سعادة خالد لا توصف و هو يرى نفسه في هذا العالم المختلف...
و الأجمل أنه بين مخلوقات يجمعهم دين واحد...

أصبح خالد أكثر راحة و أكثر حرية...
تلفت حوله فلم يجد زيزفونة...
سأل خالد ملك الجن: أين زيزفونة؟
أجابه الملك: ستأتي حالاً...

ما هي إلا دقائق حتى دخلت "زيزفونة" و قد بدلت ملابسها و تبدلت تسريحة شعرها...
هذه المرة كانت ترتدي لباساً أزرق اللون و بأكمام طويلة...
أما شعرها فقد قُسِم إلى جديلتين رآهما خالد أكثر طولاً و لمعاناً...
بدت أكثر طفولة... بل .. أكثر سحراً...

حين اقتربت "زيزفونة" أحتضنها خالد بقوة...
كان سعيداً بحضورها ثم قبلها و أجلسها جواره...
أمسك بكفها و هي بدورها ضمت أصابعه بيدها الصغيرة...

تكلم "هيدبا" موجهاً كلامه إلى خالد: لماذا تُقَبِل زيزفونة؟
أجاب خالد مستغرباً و بسرعة: إنها أجمل و أروع طفلة رأيتها في حياتي...
التقط ملك الجن طرف الحديث و باغت خالد بسؤال: هل تتزوجها؟
خالد متعجباً: أتزوج من؟
ملك الجن: هل تتزوج من ابنتي"زيزفونة"؟

صمت خالد و في وجهه ابتسامة ممزوجة بحذر...
فهو يخشى أن يتعرض لمشكلة ما إن هو رفض...
لكن كيف يتزوج بطفلة؟

قال "طارخ" و هو يبتسم في وجه خالد بصوتٍ أكثر وداً: لا تقلق يا خالد, أجب شيخ القبيلة...
تكلم"هيدبا" والد طارخ قائلاً: تكلم يا خالد, فوالله لو طلبت منا كنوز المشرق و المغرب لأحضرنا لك ما تسعنا القدرة عليه...

قال ملك القبيلة:يا خالد, إن لك علينا دين كبير و فضل بعد الله, فلو وقعت "زيزفونة" بين أيديهم لصرنا في همٍ و ابتلاء عظيم بين طاعة الله أو قبول حكمهم فينا بخدمة السحرة لأذية عباد الله المسلمين...

أجاب خالد قائلاً: كيف أتزوج من طفلة؟ّ
رد عليه ملك الجن قائلاً: يا خالد.. زيزفونة ليست طفلة
إنها في الـــ20 من عمرها بحساب أعمار البشر,لكنه شكل ارتضته لتجعلك تشعر بقدرٍ أكبر من الاطمئنان...
أجاب خالد ببرود و في وجهه نظرة حمقاااااااء لأنه لم يفهم الكلام جيداً, أجاب قائلاً: لا تعني مساعدتي لها أنني ملكتها إنما فعلت ذلك لوجه الكريم و أشكرها على ما فعَلَته فقد شعرت في وجهها بالأمان...

أحس خالد "بزيزفونة" و هي تسحب كفها من بين أصابعه بهدوء...
نظر إليها ليجد وجهها و قد اكتسى بحمرة خجل آسرة...
رأى في عينيها نظرة ساحرة لم يفهمها و لم يرى مثلها قط...
ابتعدت "زيزفونة" قليلاً عن خالد...

لم يعي خالد ما يحدث لكنه و رغم ذلك قربها منه و أمسك بكفها من جديد فإن كان سيبحث عن الأمان فهذا هو وقته خصوصاً بعد رفضه الزواج منها...
نظرت "زيزفونة" إلى خالد بنظرة شبه مكسورة إلا أنها لم تسحب يدها هذه المرة فهي تشعر أن الخوف بدأ يسري في قلب خالد...
هم خالد بتقبيلها لكنها أشاحت بوجهها بعيداً عنه بدلال و عزةِ نفس لا تصدر عن طفلة...

ابتسم طارخ و قال بصوت هامس استطاع خالد سماعه: البشر دائماً على عجل...
سمعت زيزفونة كلمات طارخ فاطرقت برأسها إلى الأرض و تنهدت بابتسامة مكسورة دون أن تُعلِق...
نظر شيخ القبيلة إلى "زيزفونة" و هو يقول: نعم أنتِ أجمل طفلة...

لحظات من الصمت مرت قطعها صوت أحدهم و هو يدخل المجلس صائحاً: القوة لله.. القوة لله.. القوة لله ثم لقبيلتنا
اقترب الشخص من الملك و قال: أيها الملك"خوصان", لقد استسلموا و وافقوا على شروطنا...

هب ملك القبيلة واقفاً و هو يردد الله أكبر.. الله أكبر...
ضج المجلس بالتكبير و التهليل فرحاً بهذا الخبر...
لم يفهم خالد جيداً لكن عرف أن "خوصان" هو أسم ملك القبيلة و والد "زيزفونة"...
احتضن ملك الجن شقيقه"هيدبا" و تعانق أفراد القبيلة...
اقترب "طارخ" من خالد و طبع قبلة على رأسه و هو يقول: يسلم رأسك يا خالد...
سأل خالد فرحاً : ماذا فعلت لأستحق هذا الشرف...
قال الشيخ و هو يحتضن خالد: هذه أخرى من مآثرك يا خالد...
لقد استسلمت قبيلة الجن الكافرة و استجابت لشرطنا بالرجوع عن أذية الأنس و مداواة من كانوا سبباً في شقاءه ولم يكن ليتسنى ذلك لولا الله ثم وجودك...
قال "طارخ" سعيداً: و هي جولة من البطولة و النصر تكتب لقبيلتنا
تكلم"هيدبا" و هو يرفع بصره إلى السماء: اسأل الله لك أجر كل من شفي يا خالد...
الكل احتضن خالد و قبله إلا زيزفونة فقد قبَّلت يده مما جعله يشعر بسعادة و فخر أكبر...

تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب...
فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس...


تُرى ماذا حدث و لماذا تتصرف زيزفونة بهذه الطريقة...
سنعرف ذلك في الجزء القادم




الجزء الثامن


تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب...
فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس...
أغمضت عينيها قبل أن تفتحهما و ترفع رأسها
جلست"زيزفونة" على ركبتيها و أمسكت برقبتها و كأنها تحاول خنق نفسها...

تقدم منها شيخ القبيلة و انحنى ليطبع قبلة على رأسها و ليس على جبينها أما زيزفونة فقد مسحت على جبين والدها بيدها اليسرى و الأخرى ما زالت على رقبتها...
تقدم منها عمها"هيدبا" و انحنى ليطبع ذات القبلة على رأسها و تقوم هي بالمسح على جبينه بيسراها... ثم تقدم ابن عمها"طارخ" و قام بنفس الحركة لترد عليه بمسحة من يدها على جبينه...
تقدم باقي الجن ليقوموا بنفس الحركة...

طقوس غريبة و بنفس الطريقة...
بعد أن قام آخر من في المجلس بالطقس نفسه تقدم منها شيخ القبيلة من جديد...
هذه المرة جلس أمامها على ركبتيه...
مسح الشيخ"غوصان" على شعر ابنته"زيزفونة" برقة...
و أمسك يدها الموضوعة على رقبتها بكلتا يديه و أبعدها...
قامت"زيزفونة" على قدميها و أمسكت برأس والدها قبل أن ترفع يدها بإجلال...
صاح "طارخ" بحماس: و عادت الكرامة لقبيلتنا و ثأرنا من محاولة الاعتداء على ابنة ملكنا...
ضج المجلس بعدها بصيحات النصر و الحماس...

من تلك الحركات عرف خالد أنها من عادات الجن و أن "زيزفونة" تعني أنها تعرضت للأذى و ضرر الأذى بشدة الموت خنقاً, و بعد الثأر لكرامتها يقوم كبير القوم بأبعاد يدها ما يعني أنه قد ثأر لها و لكرامتها و أن الضرر قد زال... ثم تقوم هي و تمسك برأس الشخص تعبيراً عن تقدير رأسه...
فرح خالد من ذلك كثيراً و حمد الله على فضله و أن جعله سبباً لهذا الأمر كله...

في هذه الأثناء فوجئ خالد بشابين جميلي الطلعة و في مقتبل العمر يدخلان إلى المجلس...
لأحدهما شعر أسود طويل منسدل على كتفيه و بنيته متناسقة أكحل العينين...
أما الثاني فكانت عيناه واسعتان له هيبة قوية و عارض خفيف زاده غموضاًً, حين يبتسم تجد أن لأسنانه الأمامية فالجٌ يكسبه وسامة...

ما أن رآهم "طارخ" حتى أقبل عليهما بفرح و احتضنهما ليتعانقوا جميعاً فيداعبه أحدهم قائلاً: هذا هو" طارخ", فارس فرسان الجن و قاهر الأعداء...

توجه الشابان إلى شيخ القبيلة و قبَّلا رأسه باحترام قبل أن يقولا: مبارك لك أيها الشيخ"خوصان" نصر الله لك...
أجابهم الشيخ مرحباً بمقدمهم فقال: بارك الله فيكما و أشكركما على حضوركما لنجدتنا لكن الله كفانا شر الحرب و أكرمنا باستسلامهم...

استأذن "طارخ" من الشيخ و أخذهما إلى حيث يقف خالد...
قال "طارخ"موجهاً كلامه لخالد: أعرف باثنين من خيرة شباب الجن و فرسانهم.. و قد حضروا على رأس جنودٍ من قبيلتيهما لمساعدتنا إذا استدعت الحاجة...
الأول "صاحب الشعر الطويل" و اسمه, (ضعفن)
أما الثاني "صاحب العارض" فاسمه(شرعيل)
رحب بهما خالد فبادلاه الترحيب حيث قال "شرعيل": أهلاً بك يا خالد, يسعدني أن أراك و أشكرك على ما فعلته للجن...
رد خالد باسماً: الشكر لله فلم أفعل إلا ما وجب فعله...

جلسوا جميعاً فرحين بنصر الله لهم...
تحدثوا عما سيفعلونه في أمر الهدنة و طريقة صياغة الشروط...
كان خالد يستمع إليهم صامتاً متعجب...
لاحظ الشيخ "خوصان" أن خالد أصبح و كأنه خارج دائرة ضيافتهم
فأقبل عليه بوجهٍ مبتسم و دار بينهما الحوار التالي بينما بقية الجن يستمعون بمحبة لخالد و إجلالٍ للشيخ "خوصان"...

ملك الجن"خوصان": يا خالد, سأعلمك أربعة أمور تكون لك عوناً و حافظاً من الجن بعد الله...
خالد: تفضل أيها الملك...
ملك الجن"خوصان":يا خالد, ليس أفضل من أن يخبرك من تخشاه بأمورٍ يخشاها فيك و يعلمك بمواطن قوتك..
خالد: صدقت أيها الملك...
ملك الجن"خوصان":أنتم يا خالد تخشون الجن أليس كذلك؟
خالد باهتمام: بلى نحن نخاف من الجن...
ملك الجن"خوصان":ما رأيك لو أخبرتك أن الجن يخشون فيكم أموراً كما يستغلون فيكم مداخلاً
خالد: و هل من الجن من يخشى الأنس رغم هذه القوة؟
ملك الجن"خوصان": نعم يا خالد من مصادر قوتك أمور سأكتفي منها بأمرين...
تابع الملك كلامه قائلاً: الأمر الأول , حافظ على صلاتك في وقتها تكن في حفظ الله دوماً...
و الأمر الثاني, لا بد أنك تحفظ آية الكرسي
خالد: نعم أحفظها...
ملك الجن"خوصان": إذاً أقرأها على أسماعنا...
بدأ خالد في قراءة آية الكرسي فأطرق الجن و أصغوا السمع جميعاً: بسم الله الرحمن الرحيم (الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات و الأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) صدق الله العظيم
ملك الجن"خوصان": صدق الله العظيم, يا خالد هذه آية الكرسي(من قالها حين يصبح أُجير من الجن حتى يمسي.. ومن قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح) رواه الحاكم.
خالد: جزاك الله خيراً أيها الملك و بارك لك في ملكك...

أردف خالد قائلاً: و ما هي نقاط ضعفي حتى أسدها على العُصاة من الجن؟
ملك الجن"خوصان": الأمر الأول, حافظ على الطهارة و احرص على أن لا تركن ساعة و أنت جُنُب
الأمر الثاني, تذكر الله و اذكره في لحظات الخوف الشديد و في لحظات الفرح الشديد...

نظر خالد إلى ملك الجن بتعجب و هو ينتظر تفسير هذا الكلام...
تابع الملك كلامه فقال: من لحظات ضعف البشر و التي يتلبس فيها الجن بالإنس لحظات الخوف الشديد من الظلام أو المجهول و لحظات الطرب و الفرح الشديد...

سمع خالد تلك الكلمات و وعاها جيداً...
وعد أن يظل في حفظ الله دوماً بإتباع ما يزيده قوة و الابتعاد عما يزيده ضعفاً و هواناً...
سمع خالد ملك الجن و هو يقرأ كفارة المجلس( سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك).

وقف ملك الجن أمام خالد و قال: يا خالد وجب عليّ أن أغادر إلى مصلاي فقد تأخرت عن صلاة الليل و قد أقترب وقت صلاة الفجر و قد لا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غاده
ADMIN

ADMIN
غاده


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  013


بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Domain-ec481b82a6

الهوايه : مطالعه

المهنه : موظف

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : انثى
نقاط : 29178
الابراج : الدلو تاريخ الميلاد : 09/02/1980
العمر : 44

بطاقة الشخصية
  :
اوسمه (رقيه)



  :
اوسمه (رقيه)


اوسمه (رقيه)



  :
My MMS


My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالخميس أبريل 21, 2011 6:44 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد البرنس
الامبرطور

الامبرطور
احمد البرنس


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  548143d1295476170-11
الامبراطور
بين أحضان الجن..رواية جناااااان  511

الهوايه : كتابه

المهنه : محاسب

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : ذكر
نقاط : 38330

بطاقة الشخصية
  :
My MMS


My MMS



  :
اوسمه (احمد رامى)


اوسمه (احمد رامى)



  :
My MMS


My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالخميس أبريل 21, 2011 7:29 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
leena
مديرة المنتدى

مديرة المنتدى
leena


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  013

بين أحضان الجن..رواية جناااااان  9022

بين أحضان الجن..رواية جناااااان  8502

الهوايه : مطالعه

المهنه : غير معروف

البلد : فلسطين

المزاج : احبك يا منتداى

الجنس : انثى
نقاط : 2147489162

بطاقة الشخصية
  :  
  :
اوسمه (leena)



  :
My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالخميس أبريل 21, 2011 9:27 pm




[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد البرنس
الامبرطور

الامبرطور
احمد البرنس


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  548143d1295476170-11
الامبراطور
بين أحضان الجن..رواية جناااااان  511

الهوايه : كتابه

المهنه : محاسب

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : ذكر
نقاط : 38330

بطاقة الشخصية
  :
My MMS


My MMS



  :
اوسمه (احمد رامى)


اوسمه (احمد رامى)



  :
My MMS


My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالجمعة أبريل 22, 2011 12:22 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنيا
فراشة المنتدى

فراشة المنتدى
دنيا


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Untitl12
بين أحضان الجن..رواية جناااااان  M-h10

الهوايه : كتابه

المهنه : محاسب

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : انثى
نقاط : 7310

بطاقة الشخصية
  :  
  :
اوسمه (دنيا)



  :
My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالسبت أبريل 23, 2011 2:05 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد البرنس
الامبرطور

الامبرطور
احمد البرنس


وسام المشاركات : بين أحضان الجن..رواية جناااااان  548143d1295476170-11
الامبراطور
بين أحضان الجن..رواية جناااااان  511

الهوايه : كتابه

المهنه : محاسب

البلد : مصر

المزاج : رومانسي

الجنس : ذكر
نقاط : 38330

بطاقة الشخصية
  :
My MMS


My MMS



  :
اوسمه (احمد رامى)


اوسمه (احمد رامى)



  :
My MMS


My MMS



بين أحضان الجن..رواية جناااااان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين أحضان الجن..رواية جناااااان    بين أحضان الجن..رواية جناااااان  I_icon_minitimeالسبت أبريل 23, 2011 2:50 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين أحضان الجن..رواية جناااااان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية صدمه مزدوجــــــــــــــــه
» أسماء الجن وقبايلهم..
» انتقام الجن منه بقتل اولاده
» اول حرب بين الجن والانس مع حقيقه مثلث برمودا
» قصة شاب أستدعى الجن لبيت اهله ,, قصة حقيقية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
( منتديات حب لينا) :: قسم القصص والروايات-
انتقل الى: