فى يوم من الأيام؛ كانت سيدة عجوز فى أخر عمرها تجلس فى الشرفة؛ وكانت حكيمة جداً لكثرة تجاربها فى الحياة. فجائتها حفيدتها فتاة جميلة أجمل من القمر المكتمل؛ فقالت لها: يا جدة؛ أنا حيرانة؛ فقالت لها جدتها: ومما الحيرة يا جميلة؟ فقالت لها الفتاة: حيّرنى كلام النّاس؛ فأيهما أفضل؛ فتاة ظاهرها جميل محتشمة تلبس الحجاب الكامل ولكنها من باطنها سيئ وتعصى الله سراً؟ أم فتاة غير محجبة تلبس أحدث الموضات وتفتن بجمالها قلوب الشباب ولكنها إيمانها بالله قوى جداً وتحب رسول الله؟
:فأجابتها الجدة الحكيمة التى عاشت سنيناً طويلة
يا بنتى؛
إنّ مثل الفتاة التى لبست الحجاب الشرعى وليس عندها تقوى هو كمثل الزهرة بلا ماء؛ فمصير أى فتاة محجبة لا تخشى الله تطيعه فى الجهر وتعصيه فى السر هو فتنتها وفساد حالها ونزع حجابها وأتباع الهوى والشيطان.
وإنّ مثل الفتاة التى فى قلبها ملئ بالإيمان وهى بلا حجاب فهو كالسكّر فى قاع كوب العصير؛ لا تأثير له ولا أستفادة منه؛ فلا خير يمكن أن نرجوه من فتاة ذات إيمان لا يظهر فى سلوكها؛ فهذا هو السفه بعينه ويقيناً إذا لم تقرن الفتاة هذا الإيمان بطاعة الله والأستجابة لأوامره وترك ما نهى عنه فسوف ينفذ هذا الإيمان وتصبح الفتاة يوماً ما فتجد نفسها بلا حجاب وبلا إيمان ويا حسرةً على العباد
أما الفتاة صاحبة الحجاب الموضة الغير شرعى؛ فقد خسرت رضا الله وأحترام الناس؛ وفى نفس الوقت لم تقضى لذتها الدنياوية من التزّين أمام الرجال بالكامل - فخسرت الدنيا والأخرة؛ ذلك هو الخسران المبين
فيا بنتى أتقى الله ربك الذى جمّلك وصورك فى أحسن تصوير؛ وتذكرى أن الموت يأتى بغتة فأنت لا تدرين متى الرحيل؛ وإلا فبعد حين وبعد سنين ستصبحين فتجدى جمالك قد خانك مثلما خاننى وكنت أجمل منك وتندمين وتتذكرين وتقولين "يا ليتنى أطعت أمر الله وأمر سيد المرسلين - صلّى الله عليه وسلّم
فيا أخواتى كفانا هروب من الحقيقة؛ كفى كبراً؛ وكفى حجة فارغة واهية لا تنقذنا يوم نلقى الله؛ لتبدأ كل واحدة منّا بإصلاح نفسها على الفور؛ تصلح الظاهر والباطن معاً فى نفس الوقت بدون تأجيل ولا تسويف