الجنس : نقاط : 29181 الابراج : تاريخ الميلاد : 09/02/1980 العمر : 44
بطاقة الشخصية :
:
:
موضوع: حنان ثلج و قسوة مطر الجمعة مارس 11, 2011 11:47 pm
ندفه من الثلج تسقط من السماء البيضاء لتداعبها الريح يمنةً ويسرة , تسقط ببطءٍ كأنها تراقص الغيوم بترنحها .. حتى وصلت لمقصدها عند شرفات أحد الفنادق لتهبط فوق شعرات برونزية لفتاة في منتصف العشرينات من عمرها . لم تكن بالطويلة ولا بالقصيرة , بشرتها السمراء التي أكسبت توّرد وجنتيها سحراً مميزاً كأنهما وردتان تسقطان من السماء في ظلمة الليل . في نفس اللحظة دخل شخص من باب الغرفة بهدوءٍ تام .. مشى فوق أطراف أصابعه حتى وصل إليها , بحركة خفيفة وسريعة وضع يداه على عيناها وقال بصوت يشوبهُ المرح : من تتوقعين أن أكون ؟ أجابته بنفس الوتيرة : الرجل الذي ترك زوجته ثلاث ساعات لوحدها في شهر العسل . ابتسما ثم قبل رأسها : لن يعيدها هذا الرجل مرةً أخرى .. ثم أردف : إن العمر ينتهي والعمل لا ينتهي . فأومأت إيماءة حزينة على ذلك . قالت : انظر لجمال الثلج! منذ كنت طفلة وأنا أحلم برؤيته يتساقط أمامي .. أجابها وهو يمسح شعراتها بيده : حسناً .. حلمك تحقق ولكنه مختلف قليلاً .. أنه يتساقط فوق رأسك الآن! , دفعته بلطف وهي تبتسم . "ما هذا الذي بيدك ؟" سألته مستغربةً . رسائل وصلتني , لا بد بأنها رسائل تهنئة وما شابه , ضحك ضحكة خفيفة .. " بالرغم من جميع وسائل التواصل الحديثة ما زال الناس يستخدمون هذه الرسائل الورقية" قالها وهو يفتح أحدها . بينما قامت هنادي من كرسيها لتعد شيئاً للأكل . سألته : "هل تريد أن تأكل ..." لم تكمل جملتها عندما رأت تغير ملامح وجهه , سألته ثانيةً : ماذا بك ؟ هل هناك خطب بالرسالة ؟ لم يجبها إلا بكلماتٍ غير مسموعة دمدمها منزعجاً . مزّق الرسالة ورماها , وجلس على سريره واضعاً وجهه في راحة يديه . اقتربت منه ... "خالد , ألم تسمعني ؟" "نـ..نعم ؟ لم أكن منتبهاً .. عذراً " "ماذا في الرسالة ؟" قالتها وهي تزيح يديه من وجهه . " لا شيء مجرد ضغوط عمل" . طرحته على السرير ممدداً وقالت وهي ممسكة بيديه : "هل هذه الضغوطات ستزعج الرجل الذي يتأخر عن زوجته دوماً ؟" قال بعد أن رجعت ملامح وجهه وابتسم ابتسامةً كأنما التعب كله انزاح منها : "حسناً ... هذا يعتمد على ما ستفعله زوجته الآن!"
******************
"هل جميع الحقائب جاهزة؟" "هناك ملابسي التي اشتريتها فقط , سوف أضعها في الحقيبة حالاً". قال لها "هل تحتاجين لمساعدة" أجابته بالنفي فأردف قائلا " حسناً .. سوف اذهب لدفع حساب الفندق إذن"
- "شكراً لتعاونك سيدي" قالت موظفة الاستقبال . - شكراُ لكي . - أعتقد أنكما زوجان سعيداً حقا . - المعذرة ؟ - قلت .. أنكما من أكثر الأزواج سعادة رأيتهما في الفندق . - آه .. هذا من لطفك يا آنسة , شكراً لكي . خالد رجل في الأربعينات من عمره ... لم يكن به ما يميزه كثيراً عن أبناء عمره سوى ابتسامته التي تعيده عشرين سنة للوراء . صاحب منصب سياسي مرموق في بلده , منصبه الذي شغله عن الزواج حتى وقت قريب ليكون النصيب لهنادي بعد أن فشل زواجه الأول , حتى أن منصبه هذا جعل شهر عسله يتأخر عن موعده أكثر من مرة . بالرغم من أن زواجهما لم يكون غير زواجاً تقليدياً إلا أن كلا الطرفين عشقا بعضهما خلال الفترة التي جمعت بينهما وكأن حبهما نشأ من صغرهما . لم يفكر خالد فيما قالته موظفة الاستقبال على أنه لا يزيد عن الكلام الذي تقول كل يوم للزبائن , إلا انه تمنى أن يكون تفكيره مخطئاً .
******************
بينما كانت هنادي تضع ملابسها رنّ هاتفها النقال . فذهبت لالتقاطه فإذا باسم [أمي الغالية] على شاشة هاتفها . - أهلا يا ابنتي الغالية .. كيف هي أحوالك ؟ - بخير يا أمي ... ماذا عنك وعن الفتيات الصغار ؟ - نحمد الله على كل حال .. ما هو حال زوجك ؟ - بخير , إنه ينتظرني في الأسفل . نحن عائدان للديار . - وهل كان يذهب لينهي عمله كالعادة ويتركك لوحدك ؟ - أمي! ... تعرفين ما هي طبيعة عمله . - يا لهذا الزوج الذي يترك زوجته وحيدة كل يوم في شهر عسلهما . - ............. - هنادي ؟ ماذا بك ؟ - لا شيء يا أمي .. لا شيء . - حسناً ... لا يهم , هل عاودك ألم المرض من جديد ؟ - لا .. الحمد لله . - لا تنسي أن تأخذي الأدوية عندما لا يذكرك هذا الزوج به . - لا تقلقي يا أمي .. كما أنه هو نفسه أحرص مني على أخذ دوائي . - لا أطيل عليك إذاً .. تصلين بالسلامة .
في الطائرة لاحظ خالد انزعاج زوجته " هل هناك شيء يضايقك يا حبيبتي ؟" بعد فترة صمت قصيرة ... التفت إليه ووضعت نظرها نصب عينيه لفترة و قبلت خده قائلةً " لا شيء على الإطلاق يا عزيزي "
******************
"حسناً , ما رأيك ؟" قالها لها بعد أن أراها خطة الأسبوع لتمضيته معها في أماكن متفرقة في البلاد المجاورة . ارتمت على صدره وقالت " أفضل خطة أسبوع في العالم!" وهمت بأن تكمل " و لكن .... " " ولكن ماذا ؟ " "لا .. لا شيء" إذا استعدي غداً لبداية أفضل خطة أسبوع في العالم! جاء اليوم التالي ولم يتعرض شيئاً لما خططا له , حتى ...
إنها الساعة التاسعة صباحاً .. تفتح هنادي عيناها لترى ابتسامته أمامها . " هل أميرتي على استعداد لتمرح؟" قامت و اتكأت على مقدمة السرير و هزت رأسها يتحامل . في لحظة قيامه من السرير رنّ هاتفه النقال , توقف فجأة .. نظر إلى هنادي نظرة خوفٍ من ردة الفعل ... أخذ هاتفه وأجاب . وكل ما كنت تفعله هنادي هو أن تدعو ألا يكون هناك شيء يفسد عليهما يومهما . " حسناً .. حسناً , سوف أكون هناك" قال منهياً المكالمة . ذهب إلى السرير وأمسك يديها وقال بصوتٍ حزين : " هنادي .. أنا ...." "لا عليك .. أنا أتفهم الموقف" " أنا ... – تغيرت نبرة صوته إلى صوتٍ مرح- لن أذهب إلى العمل اليوم!" " يا .." قالت ضاحكةً وهي تضربه بالوسادة . " هيا إذا قومي لنبدأ رحلتنا " ذهبت لتغتسل بينما كان خالد يتصفح الإنترنت ليرى رسائله الجديدة , هناك واحدة .. دخل ليقرأها . " خالد .. حبي و نقطة ضعفي .. اليوم يبدأ فصل جديد من عذابي ... وتشتعل شعلة أخرى من نار انت أشعلتها ، و زعمت انك على حق ... حين طلقتني ، اليوم هو عيد زواجنا .. الارجح انك لا تذكر ، تبّاً لك و للبلهاء التي فضلتها علي !! التوقيع : نهى .. " "يا ألهي! .. لو ترى ما الذي تكتبه , رجعت وكأنها مراهقة صغيرة!" بينما انسلت هنادي من ورائه قائلة : " هل سنذهب الآن" " نعم .. هيا بنا" كان الأسبوع هو أكثر الأسابيع سعادةً لهنادي , من قرية الثلج ذهبا وكأنهما شابان صغيران مروراً بالجزر المائية المريحة إلى أفضل المطاعم الموجودة في البلاد .. متنقلين هنا وهناك وسط ضحكاتها الساحرة وسعادتها الغامرة .
******************
بعد شهر
"هل يجب عليك الذهاب إلى هذا سفر؟" "نعم يا عزيزتي .. أسبوع و سأكون بقربك" ريح هادئة حركت ستائر النافذة لتدخل أشعة شمس الصباح للغرفة بينما فتح الباب ليهم بالخروج,فجأةً .. رمى حقائبه و قال بصوت لا يكاد يكون مسموعاً وهو مولياً ظهره لها " أعتقد أنكما زوجان سعيداً حقا.. ها" التفت إليها .. اقترب .. وهو يراها تحاول أن تغالب الدمعة التي تسقط من عيناها .. حضنها وقبّل رأسها , مسح الدمعة عن عيناها ... " أنا آسف .. " زفرة زفرةً طويلة وتابع " لا أدري ما الذي أفعله حقاً ؟" حضنته بكامل قوتها وهي لا تريد منه أن يفلت منها "أحبك" " وأنا أيضاً يا عزيزتي .. وأنا أيضاً ...." مر أسبوع وحالة هنادي ازدادت سوءاً فجأة .. أحست بالألم يجري فيها , هي وحيدةً في بيتها مع الخدم ... لا تعرف من تكلم , وبمن تتصل .. لم يخطر في بالها سوى شخص واحد . التقطت هاتفها لمحادثته لم تكمل ضغطة زر الاتصال حتى سقطت مغشياً عليها . بينما الصوت المنبعث من سماعة الهاتف كان "إن الرقم الذي طلبته غير موجود في الخدمة الآن .." داخل قاعة المؤتمرات داخل أحد ناطحات السحب في شيكاغو " وعند هذا الحد يجب نراعي ..." دخل شخص من الباب وقال " عذرا .. ولكن سيد خالد هناك مكالمة ضرورية لك"
المتصل كانت أم هنادي , قالت منفعلة : - أين أنت! .. ألا تتقي الله في امرأتك يا .. . - اهدئي يا أم هنادي .. قول لي ما الذي حصل . - هنادي يا ظالم! - ماذا بها ؟ - إنها في المستشفى .. لقد .... - ...... - آلو ؟ خالد ؟ خالد! - ............ لم يجيبها إلا الصمت القاتل .
leena
مديرة المنتدى
وسام المشاركات :
الهوايه :
المهنه :
البلد :
المزاج :
الجنس : نقاط : 2147489165
بطاقة الشخصية : :
:
موضوع: رد: حنان ثلج و قسوة مطر السبت مارس 12, 2011 4:01 am
ماأجمل تلك المشاعر التي
خطها لنا قلمكِ الجميل هنا
لقد كتبتِ وابدعتِ
كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها
دائمآ في صعود للقمه
غاده
ADMIN
وسام المشاركات :
الهوايه :
المهنه :
البلد :
المزاج :
الجنس : نقاط : 29181 الابراج : تاريخ الميلاد : 09/02/1980 العمر : 44
بطاقة الشخصية :
:
:
موضوع: رد: حنان ثلج و قسوة مطر الأحد مارس 13, 2011 2:49 am