تمكن فريق بحث من معهد تكنولوجيا ماساتشوستس الأميركي (MIT) بقيادة الدكتور جيان تسو تشن، من تطوير تقنية تفتح آفاقا أمام استخدام الحمض النووي الريبي (RNA) في علاج الكثير من الأمراض الخطرة، كالسرطان والإيدز.
والحمض النووي RNA هو مركب كيميائي طبيعي يشبه في تركيبه DNA وهو الحمض النووي الرئيسي الناقل للصفات الوراثية. ووظيفة RNA هي ترجمة المعلومات الوراثية من DNA لإنتاج جزيئات البروتين.
وكان باحثون من معامل أكاديمية وتجارية أثبتوا عام 2001 أنه يمكن استخدام RNA في تصنيع أدوية لديها القدرة على مقاومة الأمراض المستعصية كالإيدز والسرطان والالتهاب الكبدي (سي).
وقد عرف الأسلوب العلاجي الجديد باسم "interface RNA". وهي طريقة طبيعية يتم فيها توجيه جزيئات صغيرة من RNA مكونة من شريطين متصلين وليس من شريط واحد كما هو الحال في RNA الطبيعية، لتعطيل عمل جين (مورّث) معين.
وحال دون تحويل هذه النتائج إلى دواء عدة صعوبات منها عدم استقرار جزيئات RNA وسرعة تحللها في الجسم، وصعوبة إدخالها في الخلايا وتوجيهها نحو نسيج بعينه.
أما في الدراسة الجديدة التي نشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة فعاليات الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم، فقد اقترب الدكتور تشن وفريقه البحثي أكثر نحو تحويل هذا الأسلوب العلاجي إلى أدوية، إذ تمكنوا من تصميم أحد الناقلات الكيميائية (carriers) القادرة على نقل جزيئات RNA إلى داخل رئات فئران مصابة بالإنفلونزا.
واستطاعوا إيقاف المرض بحقن الناقل الكيميائي ومعه RNA في أوردة الفئران، فانساب مع الدم حتى وصل إلى الرئتين، وتمكن من إيقاف نمو الفيروس الحالي وتقليل عدد الفيروسات الموجودة في الرئة بصورة فارقة، ومنع حدوث مرض من فيروسات مماثلة في ما تلا من أيام، فقد عمل بمثابة علاج ولقاح في آن واحد.
وفي تجربة أخرى لنفس الفريق، استعمل الباحثون طريقة حقن الفئران بالحمض النووي DNA الذي يحمل بدوره الشيفرة اللازمة لإنتاج جزيئات RNA (داخل الفئران نفسها) لإيقاف المرض الفيروسي الإنفلونزا.
ولإنتاج أدوية معتمدة على RNA، تعمل شركات الأدوية على الوصول بالتقنيات المستخدمة إلى مستوى من الإتقان يتيح لجزيئات RNA ألا تتحلل في الجسم، وعلى تصميم ناقلات كيميائية قادرة على توجيه جزيئات RNA بدقة للأنسجة المصابة أو للجينات المراد تعطيلها، من أجل وقف أو علاج أحد الأمراض.
ومن أهم الشركات العاملة في ذلك المجال شركات إنفيتروجين وأتوجين وسيرنا وألينيلام فارماسوتيكلز بالولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن أول من اكتشف إمكانيات الحمض النووي الريبي العلاجية هما العالمان كريغ ميلو وأندرو فاير من جامعة ماساتشوستس في بحث نشر بمجلة نيتشر عام 1998.