مدائن صالح.. حضارة أمة نحتت الصخر وأبدعت البناء

آثار العلا شاهدة على الأمجاد
مدائن صالح.. حضارة أمة نحتت الصخر وأبدعت البناء

المصدر جريدة عكاظ في عددها اليوم الخميس00

العُلا.. محافظة حالمة في الجزء الشمالي الغربي من المملكة, تبعد عن المدينة المنورة (370) كيلو مترا, ويعيش فوق أرضها (100) ألف نسمة موزعين على (72) قرية..
والعلا.. ليست وليدة لحظة أو نتاج تمدد عشوائي, وانما مدينة ذات حضارة لها تاريخها وجذورها والآن ترسم مستقبلها بخطى ثابتة وبسواعد أبنائها دون أن تتخلى عن الماضي أو تفرط فيما تحقق من مكتسبات وما تحتضنه من آثار, لانها باختصار شديد تصنع حضارة جديدة تستند إلى ماضٍ تليد, ورغبة جامحة في الوصول إلى الأفضل..
والعلا ذات الطابع الجبلي لا زالت تحلم بالكثير من المشروعات وإذا كان المطار نقلة كبيرة في مسيرة تلك المدينة كما يقول محافظها أحمد السديري فالسكان ينتظرون تحويل كلية الآثار إلى واقع ملموس, وانشاء مستشفى خاص للنساء والولادة وتوسعة خدمات الهاتف الثابت والجوال, وهي نفس معاناتهم مع التعليم والعلاج, ولا يضطرون إلى النزوح والهجرة إلى المدينة الأم فيصبحوا عبئا على مرافقها وخدماتها.
آثار العلا
لا يختلف اثنان على ان محافظة العلا تمتلك مخزونا اثريا كبيرا وقد ذاع صيتها كثيرا بسبب هذا المخزون المتعدد والذي يعود الى آلاف السنين من اقوام وحضارات وسادت ثم بادت.
والحضارات المختلفة التي حكمت في ذلك الوقت هي (ديدان ولحيان ومعين والانباط).
وقد بدأ الديدانيون حكمهم ولكن لم يستطيعوا العيش طويلا حيث سقط حكمهم في ايدي اللحيانيين الذين سيطروا على ديدان وعندما سيطر الانباط على الحجر (مدائن صالح) قاموا بالسيطرة على ديدان ولكن دولتهم سقطت على ايدي الرومان سنة 106م وبعدها تمكن اللحيانيون من العودة مرة اخرى الى الحكم في ديدان.
وتتعدد الآثار في العلا وتتوزع في مناطق مختلفة فيها ومن اهمها:
مدائن صالح
وتبعد مدائن صالح عن العلا ما يقارب من 22 كيلو مترا وانت تسير تجاهها تجد الشوارع الصغيرة البسيطة على جانبي الطريق المؤدي اليها ولفت نظري ان هذا الشارع صغير ولا يوحي لك انك تحث الخطى نحو معلم اثري كبير ومع هذا الطريق البسيط وصلنا الى المدخل الرئيسي الذي من خلاله ندلف الى عالم آخر من التراث والحضارات البائدة التي عرفت منذ آلاف السنين وفوجئت بعد دخولنا ان الطريق ليس معبدا وانما طريق ترابي وعر لا تستطيع السيارات الصغيرة ان تجاري هذا الطريق لرعونته وصعوبته وتحتاج الى سيارة اكبر واكثر قدرة للوصول الى قصور مدائن صالح المختلفة والمتناثرة وفي مواقع شتى.
وقد كنت اسمع كثيرا عن هذه المدائن ولكنني لم اتصور انها اكثر مما توقعت. قد وجدت نفسي امام آثار لا يمكن بأي حال من الاحوال ان تتجاوزها حدود العقل والخيال.
قصة صالح مع قوم ثمود
بعث الله سبحانه وتعالى الى قوم ثمود نبيه صالحا لدعوتهم الى عبادة الله وترك الاوثان والاصنام التي كانوا يعبدونها وهم قوم ثراء وغنى وكانوا يمتلكون القصور في بطون الاودية والانعام.
وقد استجاب لدعوة صالح نفر قليل منهم اما الباقون فقد ظلوا فدعاهم صالح مرة اخرى لترك الاوثان فاجتمعوا وطلبوا منه ان يخرج لهم من احدى الصخور ناقة عشراء طويلة تكون علامة للايمان بما جاء به صالح فأخذ عهدا عليهم لتحقيق غايتهم.
ودعا صالح ربه ان يخرج لقومه الناقة من بين الصخرة فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء صالح وخرجت الناقة من وسط الصخرة فآمن معه القليل واستمر الكثير في طغيانهم.
فابلغهم صالح ان للناقة شرب يوم من البئر ولهم شرب يوم آخر ولكن قوم ثمود اجتمعوا واتفقوا ان يعقروا الناقة وعقروها فجاءتهم الصيحة واخذتهم بما قاموا به.
الانباط والتاريخ
وفي مدائن صالح عدد كبير من المقابر التي يرجع تاريخها حسب ما ذكر المؤرخون الى الانباط الذين اختلفوا في اهلهم.
وقد ذكر الدكتور عبدالرحمن الانصاري في كتابه (حضارة مدينتين) ان الانباط منهم من جاؤوا من جنوب الجزيرة العربية ومنهم من يرى انهم جاؤوا من شمال نجد او شمالها الشرقي ومنهم من يرى انهم جاؤوا من شمال منطقة الخليج ومنهم من يرى انهم أتوا من الحجاز في شمال غرب الجزيرة.
وكانوا بدواً رعاة لا يعرفون الزراعة وغير مستقرين ولا يشربون الخمر وارضهم صخرية وعرة ومن ثم تحضروا واتخذوا التجارة حرفة لهم استخرجوا المياه واصبحوا خبراء في معرفة اماكنها وكانوا يستخدمون القلم الارامي لتدوين كتاباتهم ومن ثم طوروها وربطوا الحروف بعضها ببعض مما سهل انتشارها.
استقر الانباط في جنوب بلاد الشام وأسسوا مملكة عربية سميت بمملكة الانباط واتخذوا سلع (البتراء) عاصمة لهم والعربية لغة لهم.
الانباط داخل الجزيرة العربية
وحسب الدكتور عبدالرحمن الانصاري فإن الانباط مدوا نفوذهم الى الجنوب داخل الجزيرة العربية حتى وصلوا الى الجوف ووادي السرحان في الجنوب الشرقي وتيماء وعيونه على ساحل البحر الاحمر والحجر (مدائن صالح) والتي تعد العاصمة الثانية لهم بعد سلع البتراء).
ويضيف قائلا: لم تختلف البقايا الاثرية الموجودة في العلا عن الحجر في جميع النواحي المعمارية وعادات الدفن مع ان هناك تشابها كبيرا بينهما في النواحي الطبوغرافية وتركيب الصخور.
وتتركز النقوش النبطية في منطقة الحجر وما حولها وعلى الطريق التجاري المتجه الى الشمال منها وتكاد تقل داخل العلا.
والمخزون الاثري الذي خلفه هؤلاء القوم يشي بوضوح علو كعب هذه الحضارة التي بقيت شواهدها ماثلة للعيان شاخصة.. واقفة متحدية عوامل التعرية رغم الآلاف السنين التي مرت على هذه الحضارة.
الحضارة النبطية
ويضيف الدكتور عبدالرحمن الانصاري ان المعرفة تنحصر في الوقت الحاضر بالعمارة في الحجر (مدائن الفهد) في عمارة المقابر واماكن العبادة المنحوتة في الصخر التي تعد من ابرز ما يميز الحضارة النبطية, ولم تكن عملية نحت المقابر في الصخر من ابتكار الانباط, فقد كانت شائعة في الشرق الادنى والدليل على ذلك المقابر اللحيانية التي وجدت في العلا وهي تسبق الحضارة النبطية.
وتتميز المقابر النبطية عن غيرها بالاهتمام الواضح الملموس بالزخرفة المعمارية لواجهات المقابر حيث صممت في تناسق فني بديع.
وينبع هذا الاهتمام بالواجهات من كونها تمثل المستوى الاجتماعي والمادي لصاحب المقبرة.
ويلاحظ بجلاء الاختلاف والتنوع في مكونات واجهات المقابر من مقبرة لاخرى وان كانت تبدو متشابهة في بعض العناصر المعمارية الا انها تختلف في تكرارها وترتيبها.
وقد استفاد الانباط من تقنيات النحت التي كانت متوفرة لدى الشعوب بالمنطقة والمناطق المجاورة لهم.
عملية نحت المقابر
ويشير الانصاري الى ان عملية نحت المقابر تمر بعدة خطوات مدروسة حسب خطة هندسية تراعي الابعاد والاعماق ونوع الصخر والعناصر التي سوف تشتمل عليها الواجهات وترتيبها تنازليا وتراعي تنفيذ ذلك حتى يكتمل في نهاية الامر.
واهم هذه الخطوات:
1- اختيار المكان المناسب لنحت المقبرة من حيث نوع الصخر وجودته على ان تكون المنطقة المختارة سليمة من الفجوات والتسلخات التي تحدث للصخور.
2- نحت واجهة الجبل بأن يقوم النحات بعمل تجريف في الجبل حتى يصل الى العمق الذي يرغب فيه ثم ينزل من اعلى الجبل بنحت العناصر في الوقت نفسه لحفر الباب وغرفة الدفن لابراز العناصر الزخرفية التي يريد اظهارها في الواجهة, ويختلف عمق هذا التجويف من مقبرة لاخرى, ويعد هذا التجويف الذي يحتوي على واجهة المقبرة بمثابة تحديد لحدود المقبرة من الخارج يفصلها عن المقابر المجاورة.
3- يبدأ النحات بنحت واجهة المقبرة من اعلى الجبل ثم يتدرج في النحت نزولا وهناك شواهد وجدت في الموقع توضح ان عملية النحت تبدأ من اعلى.
4- يبدو ان ضيق المسافة في بعض المقابر اضطرت اصحابها الى التوسع من اعلى مستفيدين من سمك المسافة بين سقف المقبرة السفلية وارضية المقبرة العليا حيث استطاعوا حفر المدافن في المقبرة العليا.
5- تتكون واجهة المقبرة من عدة عناصر معمارية يبدو فيها التماثل واضحا وجليا في جميع الوحدات الزخرفية العمودية والافقية وتجمع هذه العناصر طرزا معمارية او نماذج منها كانت سائدة في تلك الفترة في المناطق المجاورة مثل وادي الرافدين وبلاد الشام ومصر.
مقابر غير مكتملة
وشهدت بعض المقابر عدم اكتمال بنائها سواء كانت من الداخل او الخارج او في الداخل والخارج وهذا يأتي لوضع صاحب المقبرة الاقتصادي والاجتماعي.
وعند مشاهدتك لهذه المقابر تجد ان العامل قد انجز الجزء العلوي منها فقط وبعضها انجز منها العلوي بشكل نهائي وترك الجزء السفلي دون اكتمال.
وقد افادت هذه الاشكال -كما يقول الانصاري- لمعرفة مراحل العمل والطريقة التي نحتت بها المقبرة من الداخل والخارج.
مقابر مدائن صالح
وتتميز المقابر بمدائن صالح باختلاف واجهاتها واشكالها واوضاعها وفقا لطريقة البناء الداخلي والخارجي وهي على النحو الآتي:
1- قصر الفريد
وقد اختلف الكثير من في رواية مسمى قصر الفريد, فالبعض منهم قد افاد ان اطلاق الاسم يأتي لانفراده بصخرة ضخمة مستقلة واحتوائه على العنصر المعماري المميز الذي لا يوجد له مثيل والذي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من الحجر.
وهذه المقبرة لم يكتمل فيها البناء خاصة في الثلث السفلي من الواجهة.
ويوجد بها نص كتب عليه (من اجل حيان بن كوزا وذريته).
وقد اطلقت روايات من الفئة الاخرى تؤكد على ان هذا القصر كان لاحد كبار القوم من الانباط الذي يتبوأ مكانة ووجاهة من افراد القوم مع ما يتميز به ثراء ظاهر جعله يتفرد بكتلة صخرية منفصلة عكس الكثير من القصور الاخرى التي تشترك في جبل واحد, ويبدو هذا الرأي الاقرب الى الصحة لتفرده بين القصور الاخرى.
2- مقابر قصر البنت
وهذه المقابر تتكون من جبلين احدهما كبير والآخر صغير ويضم الكبير ما يقارب 29 مقبرة موزعة على ثلاث جهات..
الجهة الجنوبية توجد بها سبع مقابر والجهة الشرقية ثلاث مقابر والجهة الغربية تسع عشرة مقبرة.
والجبل الصغير في الجهة الشمالية الغربية يضم مقبرتين.
ولدى وقوف المشاهد لهذه المقابر يجد بعضها وقد رسم عليه اسدان متقابلان بينهما وردة او واجهة مثلثة في داخلها رأس امرأة ومن الجهتين ثعبان من كل جهة باتجاه رأس المرأة.
وفي مدخل مقبرة كمكم يشاهد رسم النسر الذي يرمز للمعبود ذي الشرى, مما يدل على ان للنسر مكانة خاصة في العقيدة النبطية يدلل على هذا كثرة النقوش على الواجهات لطائر النسر.
وقد اختلفت الروايات التي اطلقت على مسمى مقابر قصر البنت وان كان يغلب على اكثرها الطابع الشفهي الذي لا يستند على حقيقة تاريخية معينة.
3- مقابر المنطقة (ج)
وقد اطلق عليها هذا الرمز وفقا لترقيم المعهد الجغرافي الفرنسي للمنطقة وهي تقع في الجهة الجنوبية الغربية من مجموعة قصر البنت وتتكون من كتلتين الاولى تضم (18) مقبرة والاخرى تضم مقبرة واحدة.
وتتميز هذه المجموعة بوجود نحت لخمس زهرات على ابواب المقابر او لخمس درجات ويؤكد البعض ان هذا النحت يدل على دلالات دينية لدى الانباط في وقتهم.
ولكل مجموعة صخرية متصلة ببعضها تبدو مقابر هذه المجموعة متشابهة في النسق العمراني والطابع العام.
4- قصر الصانع
ويقع في الجنوب من موقع مدائن صالح الاثري وعلى يمين القادم من البوابة الرئيسية وتضم هذه المجموعة ست مقابر نبطية.
وكأغلب المجموعات السابقة فإن مقابر قصر الصانع لا يعرف حتى الآن سبب تسميتها بهذا الاسم وانما هو رهن للتعارف المحلي المتداول بين السياح والعامة.
5- مقابر المنطقة (أ)
وتتكون من ثلاثة جبال فالاول نحت به ست مقابر قريبة من بعضها البعض ولها اشكال واحجام مختلفة.
اما الجبل الثاني فتوجد به خمس مقابر والجبل الثالث ثلاثة مقابر.
واللافت للنظر في هذه التجزيئات الواجهات الصخرية النبطية التي تشكل قاسماً مشتركاً وسمة مميزة تنفرد بها عن غيرها وهو الأمير الذي ينطبق على مقابر المنطقة (أ) التي تمتلك طابعاً ونسقاً عمرانياً متقارباً وهذا يبدو ظاهراً وجلياً في الواجهات الصخرية المنحوتة في هذه الجبال.
وتقع هذه المقابر في جبل المحجر الذي سمي بهذا الاسم لوجود محجر قديم في طرفه ا لجنوبي على حسب ما تذهب اليه كثيراً من الدراسات الاركيولوجية.
وعلى كل تبدو هذه المقابر اقل تميزاً عمرانياً عن المقابر السابقة وهو ما يجعلا لا مندوحة امامنا من القول بان بناء الانباط لمقابرهم يخضع لمستوى الثراء والفقراء وهو الذي يجعل لنا مسوغاً للقول بأن هذه المجموعة قد امتلكها عامة القوم النبطية اقل خطوة ومالاً.
6- قصر الديوان
ويقع هذا القصر في الجهة الشمالية من جبل اثلب وهو على شكل غرفة مستطيلة محفورة ومفتوحة وعلى جانبي المدخل عمودات يحملان تاجين لنطيين وبداخله ثلاث دكات معد للجلوس.
وتنتشر حولها الرموز التي تدل على ممارسة الالفاظ معتقداتهم في هذا المكان.
وقد اطلق عليه البعض معبر ثمود والآخر منهم مجلس السلطان وبعض العامة والذين يحبون التعليق عليه ديوان ابو زيد.
وهي تسمية محلية اخرى بعيداً عن التوثيق البحثي العلمي.
وتتناثر حول قصر الديوان آراء مختلفة حملت كثيراً من وجهات النظر فمنهم من قال انه معبد ومنهم من يجعله مجلساً لاجتماع الانباط ومنهم من جعله قصراً لاحد كبار ووجهاء الانباط.
البئر النبطي
وقد اعتمد الانباط على الزراعة ويظهر ذلك واضحاً في مقابرهم التي تقع على امتداد سهل زراعة خصيب وصالح للزراعة وكذلك البئر الذي يمتد في الصخر بطول (5,5) امتار وعرض يربو على العشرة امتار ويتجاوز عمقه الخمسة امتار.
وهذا يدل على اهتمام الانباط بنظم الهندسة المائية وتجمعيها وتوفير المصادر للافادة منها في ري مزروعاتهم.
قلعة الحجر
وتقع هذه القلعة في الجهة الشمالية من مدائن صالح ومقابلة لسكة حديد الحجاز, وهي عبارة عن بناء مربع الشكل مكون من طابقين له مدخل في الجهة الشمالية بينما يقع في الجهة الجنوبية منها مسبح مربع الشكل بعمق يصل الى اربعة امتار.
وتبدأ آثار هذه القلعة واضحة وجلية بالنظر الى الترميمات التي قامت بها وكالة وزارة المعارف سابقا للاثار والمتاحف في سعيها للمحافظة على هذا الاثر.
واختلفت التسميات خلف القلعة فمنهم من اطلق عليها قلعة الحجر ومنهم الآخر من يحلو له تسميتها بالقلعة الاسلامية وما الى ذلك.
سكة حديد الحجاز
في الغرب من القلعة تقع محطة سكة حديد الحجاز التي كانت تشكل احدى المحطات الرئيسية لنقل الحجاج على امتداد الخط الحديدي الذي شيده العثمانيون وكان يربط اسطنبول بالمدينة المنورة مرورا ببلاد الشام.
وتشتمل المحطة على مبان وملحقات لصيانة واصلاح القاطرات والمحركات البخارية ومخازن وخزان مياه ودورات مياه وقلاع للحراسة ومساكن واستراحات للمسافرين والحجاج.
ولاتزال بعض القاطرات موجودة حتى الآن في داخل المحطة وضمن الجهود المبذولة من وكالة وزارة المعارف سابقا للآثار والمتاحف فقد اجريت لهذه المحطة عملية ترميم شكلت نقلةمتميزة في ابراز الجانب الجمالي والانيق للمحطة خصوصا وان الترميم كان يحاكي الالوان الاساسية للمحطة منذ القدم.
رابعا: عكمة
وهو اسم يطلق على احد الجبال بالشمال الغربي من المحافظة ويمتلئ هذا الجبل بالنقوش التي نحتت في الصخور وتتحدث عن تاريخ مملكة لحيان والحضارات التي عاشت في ذلك الوقت.
خامسا: الرزيقية
وهو جبل يقع الى جنوب العلا وتوجد به رسومات صخرية مختلفة لاشكال متعددة مثل الانسان والحيوان.
موقع الخريبة الاثري
ومع مغادرتنا من مدائن صالح واسرارها والغازها التي لازال العقل والذهن منشغلين بها حتى ذهبنا الى موقع آخر يمتلئ ايضا بالاسرار والالغاز وهو خريبة الاثري.. وهو موقع آثار يحكي تاريخا غابرا قديما قدم التاريخ نفسه.. يقف شاهدا على حضارة بائدة اخرى لاتزال شواهدها تقف دليلا على فصول من ماضيها الذي يسبق في تاريخه تاريخ الانباط حيث يعود الى عصور اللحيانيين والديدانيين والمعينيين.
ويقع في الجبال الواقعة في شرق المحافظة وهي شبيه الى حد ما من مدائن صالح من ناحية النحت الصخري والقبور والواجهات الصخرية والقصور المنحوتة في الجبال بشكل عجائبي غرائبي وان كانت تقل في براعتها العمرانية ودقتها المعمارية عن قصور وواجهات مدائن صالح.
وقد اكد الباحثون قيام دولة ديدان التي تبوأت هذا الموقع الاثري من القرن السادس قبل الميلاد حتى بداية القرن الخامس قبل الميلاد.
ويعود هذا الموقع في جزء من تاريخه الى مملكة لحيان التي يعود تاريخ قيامها الى الحقبة من بداية القرن الخامس قبل الميلاد الى نهاية القرن الثالث قبل الميلاد.
والزائر لهذا الموقع يشاهد آثاراً للمباني الصخرية واكوام الحجارة المتراكمة فوق بعضها البعض والممتدة اثارها الى البساتين المجاورة لمنطقة الخريبة وهي التسمية التي لانزال حائرين في معرفة مسماها والذي عرفنا انه لاحد التسميات المحلية الدارجة.
وليس جديدا اذا قلنا ان وعورة الطريق الذي نسير عليه كان من المنغصات لعدم صلاحيته للسير رغم انه يؤدي بك الى معلم تاريخي اثري رائع.
الواجهات الصخرية
وانت واقف وتقابل هذه الفتحات الصخرية التي تغطي اجزاء واسعة من الخريبة تشاهد الدقة الفائقة والقدرة الجسدية الهائلة التي تمكن هؤلاء القوم البائدون من نحت هذه الصخور القوية وبشكل يدعونا للاستغراب حيث تبدو الابواب والنوافذ المنحوتة في الجبل غاية في الجمال والنحت والتقاسيم باشكال مربعة ومستيطيلة.